طالب الرئيس السوداني عمر البشير مواطني دارفور في غرب البلاد بحل قضاياهم "بعيداً عن الوساطات الأجنبية، لأنها تخدم أجندتها الخاصة". واعترفت الخرطوم بتدهور الأوضاع الأمنية والإنسانية في الاقليم، وتعهدت بضبط الميليشيات المسلحة وتسهيل وصول الاغاثة. وأكد البشير خلال مخاطبته لقاء جماهيرياً في نيالا، ثاني أكبر مدن دارفور في زيارته الثانية للاقليم منذ بدء التمرد قبل 15 شهراً، حرص حكومته على عودة الأمن والتنمية ورتق النسيج الاجتماعي. وقال إن السلام في جنوب السودان سيتحقق قريباً، مؤكداً عزم نائبه الأول علي عثمان محمد طه الذي يقود المفاوضات مع "الحركة الشعبية لتحرير السودان"، العودة إلى البلاد بعد توقيع اتفاق سلام. ودعا إلى نبذ الصراعات والمواجهات في دارفور والتوجه نحو التنمية والإعمار. إلى ذلك، اعترف وزير الخارجية الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل بوجود "انفلات أمني ووضع انساني حرج في دارفور يحتاج إلى معالجة سريعة". وأوضح ان حكومته ستعمل على إحكام السيطرة على تحرك الميليشيات المسلحة وحماية المدنيين وتسهيل الاغاثة ومحاسبة من انتهكوا حقوق المواطنين وإعادة النازحين واللاجئين إلى مناطقهم. وأكد أن حكومته "لن تتيح لمتمردي دارفور فرصة للاستيلاء على مناطق جديدة ولن تسمح لهم بترهيب المدنيين ومنعهم من العودة إلى ديارهم". وأعلن ترحيب حكومته بمشاركة الأممالمتحدة في عملية حفظ السلام في جنوب البلاد بعد توقيع اتفاق نهائي، وفي فريق مراقبة اتفاق وقف النار في دارفور عبر بعثة الاتحاد الافريقي التي سيناقش الاتحاد في أديس ابابا اليوم تشكيلها في حضور ممثلين من الحكومة ومتمردي دارفور. وعلمت "الحياة" ان الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان طلب من الدول المشاركة في جمع قوات دولية لحفظ السلام في السودان ورواندا. وكانت الأممالمتحدة ارسلت خبراء عسكريين إلى نيافاشا خلال إحدى جولات المفاوضات السودانية بحثوا في اجراءات وقف النار النهائي ودور الأممالمتحدة في مراقبته وحماية اتفاق السلام. على صعيد آخر، رحبت الحكومة السودانية بقرار الإدارة الأميركية سحب السودان من اللائحة السوداء للدول المتهمة بعدم التعاون بشكل كامل مع الجهود الأميركية لمحاربة الإرهاب، لكنها اعتبرت الخطوة غير كافية، وطالبت برفع اسم السودان من لائحة الدول الراعية للإرهاب. وأعلن وزير الخارجية الأميركي كولن باول في الجريدة الرسمية الأميركية سحب السودان من اللائحة السوداء للدول المتهمة بعدم التعاون في محاربة الإرهاب. وذكر أن وجود ليبيا في اللائحة موضع درس حالياً، ملمحاً بقوة إلى أن ليبيا يمكن أن تستفيد من اجراء مماثل للاجراء من حق السودان. إلا أن السودان وليبيا يبقيان على قائمة الدول التي ترعى الإرهاب، الأمر الذي يعني استمرار فرض حظر على بيع السلاح إليهما وعدم التعاون معهما اقتصادياً، إلى جانب عقوبات أخرى لا تزال سارية. وقال مسؤول أميركي: "إنها ليست سوى جزرة صغيرة وبادرة حسن نية تجاه السودان بهدف اقناع الخرطوم بأن من الأفضل لها الاهتمام بالوضع في دارفور والتوصل إلى اتفاق سلام سريع مع الحركة الشعبية لتحرير السودان". وأكد المتحدث باسم الخارجية الأميركية ريتشارد باوتشر أن السودان حسّن دوره بصورة كبيرة وعزز بصفة ملحوظة تعاونه في ما يتعلق بتوفير معلومات للإدارة الأميركية في شأن مشتبهين إسلاميين. وقال إنه يجب على الخرطوم ألا تسيئ فهم القرار الأميركي، واعتبر ذلك مكافأة لها للمضي قدماً في محادثات السلام، موضحاً أن الخطوة التي جاءت بطلب من الحكومة السودانية لا تعني تجاهل واشنطن الوضع الإنساني المتدهور في دارفور. وقال باول في كلمة أمام موظفين من منظمات غير حكومية ليل الثلثاء: "أبلغنا حكومة السودان أننا لن نطبع العلاقات معها حتى في حال التوصل إلى اتفاق سلام في جنوب البلاد ما لم تتم معالجة الأزمة في دارفور". ورحب وزير الخارجية السوداني بالخطوة الأميركية، لكنه اعتبرها غير كافية، وطالب واشنطن برفع اسم بلاده من لائحة الدول الراعية للإرهاب. وقال اسماعيل إن القرار الأميركي "جاء متأخراً وهو أمر مستحق للسودان وليس جائزة من واشنطن". وزاد: "سنبني على ذلك ونضغط حتى يرفع اسم السودان من لائحة الإرهاب".