لا يحق لنا أن نقارن بين جهود قناة الجزيرة في خدمة المملكة العربية السعودية وتسليط الضوء على قضاياها بأي قناة في العالم حتى لو كانت هذه القناة هي القناة السعودية الأولى أو الثانية مع الثالثة الرياضية؛ بل سنستبق الأحداث ونقول وحتى الرابعة الاخبارية القادمة لن تنافس قناة الجزيرة في الاهتمام بأخبارنا المحلية والرياضية بل والطبية بما في ذلك حوادث الطرق وأي ثقب في اطار سيارة أي مواطن سعودي كريم. فهذه القناة غير السعودية «ومنذ قيامها» وقد جعلت وطننا العزيز نصب أعينها! بل وفي استراتيجيتها الاعلامية فلا يمر يوم دون أن تتحف مشاهديها بخبر مدسوس بل أخبار مشوهة عن السعودية قبلة المسلمين وأرض الحرمين؛ فأصبحت هذه القناة وكأنها قناة سعودية مع الاختلاف في أهداف الطرح ونواياه؛ وطبعا هذا الاهتمام نابع من عقيدة راسخة لدى طاقم الجزيرة بكل أطيافه بمكانة المملكة العربية السعودية قيادة وشعبا؛ وأن أي حدث في العالم الاسلامي لا تكون السعودية طرفا مشاركا فيه فإن القرار لن يحظى بالقبول الكافي لدى الشارع العربي والإسلامي؛ ومن هنا يأتي هذا العبث من هذا الطاقم الاعلامي الغريب. لا تظنوا قرائي الكرام أن المقصود بهذا التركيز هو من أجل النقد فهذا محال لأن قناة الجزيرة قناة لا تساوي بين الجميع وإنما تفرق بين دولة وأخرى مهما كانت هذه الدولة قريبة منها من خلال أهداف رسمت لها وهي معروفة ومكشوفة ولا تخفى على أحد. لكن حينما تعطي قناة الجزيرة «يئاً» من الخصوصية في موقف عدائي للمملكة لنكون في مكان الريبة والشك؛ فذلك نابع من تصور لدى القائمين على قناة الجزيرة وهو أن السعودية أكبر وأهم وأعرق وطن عربي فلذا فإن خبراً صغيراً عن السعودية من نوعية هذه الاساءات يعدل في قيمته وفي ساعة بثه خبراً عن بقية الوطن العربي بل وسائر العالم؛ ولكن ومع الأسف فهذه سياسة القناة وهذه بضاعتها. ومن أجل ذلك لا تستغرب أخي مشاهد قناة الجزيرة حينما تحشد القناة كل طاقاتها وكل كوادرها الاعلامية وخبراتها الفنية ومهنيتها العالية من أجل ان تغطي حدثا في السعودية كأن تأتي مشكلة بين جزار ومشتر للحم في شارع عسير؛ على سعر اللحم فلو تحدثت القناة بضيوفها عالي النزاهة عن هذا الحدث وعلاقته بأحداث العراق وقصف كابول فهم على حق والبقية على خطأ. هناك من يفسر عناوين برامج الجزيرة بما لا يرضي اخواننا في قناة الجزيرة، وهناك من يقول بأن شعار الجزيرة هو «الرأي والرأي الآخر الذي يدعم رأي طاقمها وموجهيها مع أنهم يزعمون بأن الجزيرة تبحث عن الرأي الآخر الذي ضدهم فهم يعملون بإنصاف وحرية كاملة وبعد عن أي تأثيرات سياسية خارجية وهذا ادعاء غير صحيح. هل هي أكذوبة تلك المعلومة التي تقول ان الجزيرة لها علاقة مشبوهة بنظام صدام حسين السابق أو ان القيادة العراقية المخلوعة كانت تدفع لها مبلغاً سنوياً، لا أدري ولكني اتساءل ما علاقة تركيز قناة الجزيرة على صور لبعض مسؤولي حزب البعث وهل هي للمجاملة فقط أو أن هذه الصور وتلك البرامج بروتوكول لا أقل ولا أكثر؛ وهل أقول بعد ذلك أنها علاقات مشبوهة أم أقول إن الجزيرة أبعد ما تكون عن كل ما يجعل عليها علامة استفهام؟ ومن الغريب أن تجد بعض الناس يتحامل على قناة الجزيرة فيقول انهم يتحكمون في مداخلات المتصلين بالهاتف فتكون بعض المداخلات التي تؤيدهم طويلة وأما «الرأي الآخر» فتكون المداخلات قصيرة ولا تحاول هذه القناة الاستفادة من رأي الآخرين وهي التي تتشدق بمبدأ الرأي الآخر. عندما ذكرت هذه الحقيقة لأحدهم قال لي وبالفم المليان ان الجزيرة لا ذنب لها في ذلك بل هذه أمور فنية مرتبطة بجودة صوت المتصل فقط؛ ومن قال غير ذلك فهو لا يعرف علم الأصوات؛ وفن الاتصال بالقنوات؛ وأضاف سامحكم الله تثبتوا قبل أن تتكلموا؛ وعلى هذا فلو رأيتم كل الاتصالات في برنامج الاتجاه المعاكس تصب في اتجاه واحد فذلك مرتبط «بوضوح أصوات المتصلين» لكن أكثر الناس لا يعلمون!! ومن المضحكات المبكيات أن يأتي أحدهم ولا يظن أن للجزيرة قصداً شيئاً حينما تلتقي ببعض من يسمي نفسه معارضة «لأي دولة خليجية باستثناء قطر» اعتقاداً منه بأن الجزيرة ومنهجها أكبر وأشرف من أن يلوث بهذا الكلام وأن الناس لا يفهمون؛ بل ويستعجلون ما قصدته الجزيرة من إحضار هؤلاء الأشخاص واعطائهم فرصة للحدث وهو أن يعرف الناس «بأنه لا شيء لديهم» وأن دعوى المعارضة كلها كلام فارغ فهم قصدوا أن يضعوهم في موقف حرج وهذا على حد زعمه ما تريده قناة الجزيرة. لكن بنظرنا فإن أكبر دليل على ان الجزيرة قناة مشبوهة أنها حينما تأتي قضايا لها صلة بالشأن الداخلي الخليجي عموما أو السعودي خصوصاً فهي تحضر من جهزوا أنفسهم للنيل والاساءة لهذه المنطقة وأبنائها في حقد دفين وممارسات صبيانية متواصلة، ومن خلال طروحات متكررة أبعد ما تكون عن الموضوعية وبالتالي القبول من المشاهد، ومن بين هؤلاء ذلك الشخص الذي يعرض حساباته المصرفية كل شهر على شبكة الانترنت حتى يعلم الجميع أن تمويلها هو من اعلانات جريدته التي تخلو صفحاتها من أي إعلان. ومن الملاحظات على قناة الجزيرة أنها تهمل الشأن الداخلي للدولة التي هي في أرضها مع أنه بامكانها أن تخصص حلقات من برنامج سري للغاية للحديث عن المكتب التجاري الاسرائيلي في الدوحة؛ وأن تعرض في برنامج «شاهد على العصر» على التغييرات الادارية التي حدثت في قطر قبل عدة سنوات؛ لكن هل هو «الخلل فني» لم يتسن حتى الآن بث مثل هذه الحلقات؛ وأن الفني المتعهد بإصلاح الأجهزة في اجازة نرجو ألا تطول، أم أن لهذه القناة رأياً آخر. قناة الجزيرة مهتمة بالوجود الأجنبي في دول الخليج دون الاهتمام به في قطر، ربما لأن مراسل الجزيرة لهذا الموضوع لم يتسن له وجود حجز جوي لهذه القاعدة البعيدة، فالطريق الى هذه القناة لابد بنظر طاقم الجزيرة الغريب أن يمر بالرياض فالخرج فالكويت ثم المنامة؛ وقد لا يتوفر حجز لقاعدة العديد؛ هل هذه المعلومة تقبل التشكيك؟!. كل ما تقدم لا يعدو أن يكون مشاعر مواطن سعودي عاجز عن الشكر على ما تقوم به هذه القناة لنا ولوطننا مما يدل على أنها قناة تخدم قضايا الوطن العربي وأنها وان كانت تبحث عن الفرقة وشق وحدة الصف العربي، إلا ان هذه القناة خدمت المملكة على الصعيد السياسي والاجتماعي والإعلامي خدمة لا تقدر بمال. وإن كان من شيء نختم به هذا المقال فهو التقدم بواجب العزاء لمدير القناة السابق «المخلوع» الذي تزامن «خلعه» مع «خلع» صدام حسين؛ فلا حول ولا قوة إلا بالله. * مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية للتواصل - فاكس: 2092858 - [email protected]