وصلت طلائع حرس الرولة المهاجرين إلى منطقة البرك المطرية التي حمل المراسلون الأخبار منها عن العواصف الرعدية ولذلك كان من الطبيعي أن نتوقع في تلك المنطقة وجود القنص بأعداد كبيرة. وقام الأمير فواز بالترتيبات الفورية لرحلة صيد عظيمة مع صقوره وكلابه، ولمدة يومين قبل رحلة الصيد لم يقدم للصقور والكلاب السلوقية أي طعام. وبدت نحيلة جائعة مستلقية بين سيقان الجمال أنحف من المعتاد وتذمرت الصقور الجائعة تصيح بصوت مرتفع وقلق كلما مر بقربها أحد وغماها العبيد بأغطية صغيرة حمراء أو زرقاء أو سوداء أو خضراء هذه الأغطية الجلدية الجميلة مزينة بخيوط فضية ذهبية. في صباح اليوم الموعود عندما تجمع الصيادون ركب الأمير فواز فرسه الحربية وكشف أحد عبيده دوغان عن صقره المفضل وصاح فواز بالصقر على بعد ستين خطوة فاستعد الطائر بعد أن عرف صوت سيده وحرر دوغان الصقر من قيده الذي أمسك به بيده التي ترتدي القفاز فارتفع الطائر على الفور وطار كالسهم الى الأمير وحط على ذراعه الممدودة ثم غمى فواز الصقر ثانية وانطلقنا بإشارة من الأمير فواز وصاح السواطون على الكلاب بأسمائها: شلة سطحه طرفه - الخ ولم يعد هناك خطر من أن تهاجم الكلاب الذئبيه وكلاب الحراسة وكلاب الرعاة كلاب الصيد النحيلة وتمزقها إرباً إرباً وحمل اثنا عشر عبداً من عبيد الأمير صقور الصيد المغماه والمغطاة كالمعتاد كما حمل أقارب الأمير ووجهاء الرولة صقورهم على أفراسهم بعضها محمول على معاصم الرجال المرتدية القفاز وبعضها محمول على جلود الخراف المفروشة على عجز الخيول كالعادة عندما يذهب البدوي إلى القنص. واشتملت فصيلة مثيري الطرائد في رحلتنا على أكثر من ثلاثمائة راكب جمل وحوالي مئتي راكب فرس وبدأت تنتشر يمينا ويساراً لتحاصر الطرائد وتدفعها نحو مركز صفنا وجرت جيادنا المحاطة بكلاب الصيد فوق السهل الفسيح في جو الصباح المنعش وخفقت قلوبنا من الانفعال أنه سيكون يوما سعيدا ومحظوظاً. وشد فواز العنان وشددت عنان فرسي أيضاً لكي ندع مجموعة الصيادين تتجاوزنا إنها مجموعة فرسان رائعة على ظهور الجياد والجمال والصقور متوازنة وأجنحتها ممتدة على معاصم الفرسان وأعجاز الجياد الجارية. العباءات المتطايرة في الهواء وامتزج صراخ الرجال بهدير الحوافر وصهيل الأفراس وصيحات الصقور ونباح الكلاب. وجريت مع الأمير فواز الذي كان مغرماً جداً بالصقر أنه صقر في طرح ريشه الخامس وهدية من ابن خليفة شيخ البحرين الذي حصل عليه من بدو جبل شمس مقابل فرس ثمينة. وفي هذه الأثناء كان مثيرو الطرائد يجفلون الأرانب والطرائد الصغيرة الأخرى وكانت معظم الصقور على درجة من الذكاء كافية لقتل الأرانب بغرس مخالبها بين أضلاعها وبعد كل قنص يضطر الصيادون إلى الإسراع ورمي عباءة فوق الصقر لمنعه من أكل فريسته قبل ذبحها بالطريقة الشرعية للذبح لأن اللحم الذي لم يخرج منه الدم محرم أكله كما أن الكلاب أطلقت في إثر الأرانب أيضاً ولكن زوجيا.وأحد الكلبين يطارد بينما يقاطع الآخر هروب الأرنب في اتجاه آخر ولكن اصطياد الأرنب لم يكن عملاً سهلاً وقد يضطر الكثير من الكلاب للقفز في الهواء عندما يستدير الأرنب فجأة. يتبع