الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فإن الله- عز وجل- يختص من شاء من العباد، ويميز ما شاء من البلاد، بما شاء من الخصائص، والمزايا، والفضائل، وذلك فضل يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم. وقد خص الله- عز وجل- بلاد الحرمين، وفضّلها على سائر البلاد بخصائص، ومزايا، وفضائلها، لايشاركها فيها غيرها، ولا يدانيها: *ففي هذه البلاد وضع أول بيت لعبادة الله وحده، لاشريك له، كما قال - تعالى -:{إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدىً لِلْعَالَمِين(96) فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (97)}. *وفي هذه البلاد المباركة هبطت آيات القرآن الكريم، وتنزل القرآن العظيم: {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المائدة: 16] *وفي هذه البلاد توجد قبلة المسلمين التي يتوجهون إليها في صلاتهم المفروضة، والمسنونة. * وفي هذه البلاد الطاهرة يوجد أقدس المساجد، وأعظمها، وهما المسجد الحرام والمسجد النبوي. * وفي هذه البلاد توجد المقدسات الإسلامية، التي يحج اليها المسلمون، ليؤدوا الركن الخامس من أركان الإسلام. * وفي هذه البلاد، ومنها نشأت اللغة العربية، التي نزل القرآن الكريم بها. ومن هذه البلاد انطلقت خير الدعوات، وخرج أعظم الفاتحين، الذين نشروا الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها. ومن فضل الله- تعالى- على هذه البلاد المطهرة أن الله تعالى سخر لها قادة صالحين مصلحين، أدركوا تمام الإدارك هذه الخصائص، والفضائل لبلاد الحرمين، يقول الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن ال سعود- طيب الله ثراه- :«بعث صفوة الخلق- اللهم صل وسلم عليه- من بلاد العرب، ونزل عليه أمين السماء في بلاد العرب بقرآن عربي غير ذي عوج، فلنعرف ذلك، ولنحتفظ بديننا ولغتنا، وبلادنا، ولنحبها حبا جما». أدرك قادة هذه البلاد المباركة أن قدسية هذه البقعة الطاهرة من العالم ليست شرفا عظيما فحسب، ولكنها أيضا مسؤولية عظيمة، وأمانة كبيرة توجب عليهم بذل ما لا يبذله غيرهم من العمل الجاد، والاخلاص في خدمة هذه المقدسات، ونشر الإسلام، والدعوة إلى الله، وخدمة حجاج بيت الله الحرام، وفي ذلك يقول الملك المؤسس- رحمه الله- :« إن هذا الوطن المقدس يوجب علينا الاجتهاد فيما يصلح أحواله، وإننا جادون في هذا السبيل قدر الطاقة، حتى تتم مقاصدنا في هذه الديار، ويكمل للمسلمين جميعا أمنهم وراحتهم، وتتم لجميع الوافدين لمنازل الوحي المساواة في الحقوق والعدل». وقد ربى الملك المؤسس أبناءه البررة النجباء على استشعار هذه المسؤولية العظيمة، وقد درجوا كابرا عن كابر على خدمة الحرمين الشريفين، والمقدسات الإسلامية، وتهيئتها، وتطهيرها، ليؤدي المسلمون مناسك حجهم، وعبادتهم في خشوع، ويسر، وسهولة، امتثالاً لأمر الله- سبحانه- وعملا بتوجيهه الكريم، لنبيه، إبراهيم، وإسماعيل- عليهما السلام-:«{وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}[البقرة: 125] وقد وصلت خدمة الحرمين الشريفين، والمقدسات الإسلامية، ورعاية ضيوف الرحمن من الحجاج، والمعتمرين، والزوار، وصلت إلى مستوى في غاية التقدم، والرقي، والتطور، والدقة، والإتقان، والاحكام، في هذا العهد الزاهر، عهد خادم الحرمين الشريفين- حفظه الله ورعاه- الذي أولى المقدسات الإسلامية، وخدمة حجاج بيت الله الحرام- أعظم العناية، وأكبر الاهتمام، حتى وصلت المشاعر المقدسة، والحرمان الشريفان في هذا العهد المبارك إلى مستوى لم يشهد له التاريخ مثيلا، ففي هذا العهد الزاهر شهد الحرمان الشريفان، المسجد الحرام، والمسجد االنبوي الشريف أعظم توسعة، وإعمار شهدهما التاريخ الإسلامي، وفي هذا العهد عبدت الطرق السريعة الفسيحة بين المدينتين المقدستين، وبين المشاعر وما حولها، وأنشئت الجسور الضخمة، وحفرت الأنفاق تحت الجبال، وهيئت المداخل، والموانيء الجوية، والبحرية، والبرية على أكمل الوجوه، لاستقبال حجاج بيت الله الحرام، وجهزت الخيام في منى وعرفات على أحدث المواصفات العالمية لمقاومة الحريق حفاظاً على سلامة الحجاج، إلى غير ذلك مما تطول الإشارة إليه، ويحتاج تفصيل الكلام فيه إلى مجلدات. وخلاصة القول أن هذه الدولة المباركة قد سخرت جميع إمكاناتها، وقدراتها المادية والبشرية في خدمة هذا الدين العظيم، ورعاية الحرمين الشريفين، والمقدسات الإسلامية، وخدمة حجاج بيت الله الحرام، وفي موسم الحج تكون جميع اجهزة الدولة بدون استثناء في حالة استنفار قصوى، لإنجاح هذه المناسبة العظيمة، وتوفير جميع المستلزمات لأداء الحجاج مناسكهم في أمن وأمان، ويسر وسهولة واطمئنان حتى يرجعوا إلى بلادهم سالمين غانمين، بمتابعة حثيثة، وإشراف مباشر من لجنة الحج العليا التي يرأسها صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود وزير الداخلية، وكذلك لجنة الحج المركزية التي يرأسها صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز آل سعود أمير منطقة مكةالمكرمة- حفظه الله-. ومن أهم الأجهزة الحكومية التي تقوم بجهود عظيمة، وأعمال جليلة في إنفاذ سياسة الدولة في خدمة الحجاج:، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد التي تسخر كل إمكانياتها، وتستنفر كل قطاعاتها، لأداء هذا الواجب العظيم، كل قطاع فيما يخصه، وينسق تلك الجهود، وينظمها اللجنة العليا لأعمال الوزارة في الحج التي يرأسها معالي الوزير الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ، الذي يحرص كل الحرص على الإخلاص، والعمل الجاد في إنجاح اعمال الوزارة في الحج، لأن ذلك من الاعمال الجليلة، إذ إنه يهيئ السبل لحجاج بيت الله الحرام لأداء مناسكهم، وتبصيرهم بأمور دينهم، وإرشادهم إلى ما فيه الخير، وتصحيح عقيدتهم، وتزويدهم بالكتب الدينية، وتوزيع هدية خادم الحرمين الشريفين- حفظه الله- بينهم، وذلك كله من أوجه الدعوة إلى الله تعالى التي هي من أعظم القربات، كما قال الله- تعالى-:{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً}. ومن أهم قطاعات الوزارة المنوط بها أعمال جليلة في هذا الشأن، وكالة الوزارة للشؤون الإدارية والفنية، وهي - بحكم اختصاصها- تشارك جميع قطاعات الوزارة في أعمالها، ولها على وجه يخصها من الأعمال في هذا العام: اولاً: النشاطات المتعلقة بالمشروعات والصيانة: أ- الترميمات والتحسينات:- 1- ترميم وتصريف مياه المكيفات بدور الميزانين بمسجد نمرة بعرفات. 2- تحسين وتطوير شبكة المياه الرئيسية بمجمع دورات المياه بعرفات. 3- ترميم ميقات السيل الكبير بالطائف. 4- ترميم ميقات وادي محرم بالهدا. 5- استكمال دهانات ومعالجة الحوائط الداخلية بمسجد نمرة بعرفات. 6- تأهيل إعادة محطة ضخ المياه«بمجمع دورات المياه بعرفات». 7- تنفيذ لوحات مختلفة الارتفاعات والمساجد لتحديد اتجاه القبلة في مزدلفة. 8- نقل وترميم وتجهيز احتياجات بعض مراكز التوعية بالمشاعر المقدسة. 9- تحسينات وإضافات لبعض مراكز التوعية الإسلامية بالمشاعر المقدسة. 10- ترميم مسجد حجاج البر ودورات المياه بمنى. ب- التشغيل والصيانة الموسمية:- 1- صيانة ونظافة وتشغيل مسجد الخيف ومقر الوزارة وكافة ملحقاته ومحتوياته بمنى. 2- صيانة ونظافة وتشغيل وحراسة مسجد نمرة بعرفات والساحات الملحقة به. 3- صيانة ونظافة وتشغيل مسجد المشعر الحرام بمزدلفة ومركز الدعوة المجاورله، وكافة محتوياته. 4- صيانة ونظافة وتشغيل مسجد حجاج البر وكافة محتوياته بمنى. 5- صيانة ونظافة وتشغيل دورات المياه المجمعة وكافة محتوياتها المجاورة لمقر الوزارة بمنى. 6- صيانة ونظافة وتشغيل وحراسة مقر الوزارة بعرفات ودورات المياه المجمعة والمربعات. 7- نقل وتشغيل وحراسة كبائن التوعية الإسلامية بالحج والمقصورات داخل مسجد الخيف بمنى. 8- صيانة ونظافة وتشغيل وحراسة مراكز التوعية الإسلامية بالمشاعر المقدسة «بمنى ومزدلفة وعرفات ومستودع تجهيز المراكز». إلى غير ذلك من الأعمال التي يطول المقام لسردها واستقصائها. أسال الله- عز وجل- أن يجعل الأعمال خالصة لوجهه الكريم، وأن يوفق هذه البلاد الطاهرة بقيادة خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهد الأمين، وسمو النائب الثاني- حفظهم الله- إلى ما فيه عزة الإسلام، ورفعة الدين، وخدمة المسلمين بعامة، وحجاج بيت الله الحرام بخاصة، وأن يديم عليها نعمة التمسك بالدين، وتحكيم الشريعة، إنه سميع مجيب. وصلى الله على نبيه الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين. (*)وكيل وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد للشؤون الإدارية والفنية