سجل الهلاليون أسماءهم بأحرف من ذهب في سجلات الكرة والرياضية السعودية عندما كسبوا مساء أمس كأس بطولة المؤسس الملك عبدالعزيز يرحمه الله بعد فوزهم على زملائهم في الفريق الأهلاوي بهدفين مقابل هدف واحد. كان الهلال هو البادىء بالتسجيل عن طريق مهاجمه جاسم الهويدي ثم عزز زميله نواف التمياط هدف السبق بآخر مع نهاية الشوط الأول, وفي الشوط الثاني اكتفى الأهلي بهدف وحيد عن طريق لاعبه خالد قهوجي وقد شهدت المباراة سيطرة هلالية مطلقة في الشوط الأول قدم خلالها نجوم الأزرق ألوانا متفردة في فنون الكرة الحديثة استمتع بها سبعون ألف متفرج اكتظت بهم مدرجات استاد الملك فهد الدولي بالرياض وكذلك استمتع بها ملايين المشاهدين خلف شاشة التلفزيون داخل المملكة وخارجها. وأثبت الهلال بفوزه بكأس المؤسس الذي يقام بمناسبة مرور مائة سنة على توحيد المملكة أنه زعيم الفرق والأندية السعودية فهذه البطولة مختلفة تماماً عن كل البطولات الثماني والعشرين التي حققها الهلال لانها ستخلد اسمه حاملا للقبها لمدة مائة عام قادمة دون منازع أو منافس. الشوط الأول بدأه الهلال بتشكيل يحمل شيئا من التغيير والمفاجأة في خط مقدمته حيث فضل الروماني يوردانيسكو ابقاء المخضرم والخبير يوسف الثنيان وكذلك المدفعجي عبدالله الجمعان الى جانبه على كرسي الاحتياط مفضلا الاحتفاظ بهما كورقتين في يده يستخدمهما حسب مجريات وظروف المباراة. واوعز المدرب الهلالي لكابتن الفريق سامي الجابر باللعب متقدما الى جانب رأس الحربة الثابت جاسم الهويدي مع عدم العودة للخلف الا في اضيق الحالات. وقد وضح تفوق الفريق الهلالي في هذا الشوط اداء ولعبا وكان حضور لاعبيه جميعا لافتا ومميزا ففيما كان محمد الدعيع مرتاحا تماما في مرماه الذي لم يتعرض خلال هذا الشوط لاي ضغط او هجمات خطيرة الا من بعض الكرات القليلة جدا وقد استطاع رباعي الخط الدفاعي السيطرة على الهجمات الاهلاوية نظرا لاعتماد زاناتا على الكولومبي الكاتو كمهاجم وحيد في فريقه فكان يقع دوما تحت هيمنة وحراسة ما لا تقل عن مدافين هلاليين أو ثلاثة وكثيرا ما تركه خط الدفاع الهلالي يقع في مصيدة التسلل ولم يجد الكاتو أي مساندة او مساعدة من زملائه سواء السويد او المشعل او حتى الظهيرين شليه وعبدالغني اللذين اجبرتهما الخطة الهلالية على البقاء في موقعيهما نظرا للضغط الذي واجههما من الدوخي وسامي الجابر في الجهة اليسرى ولطلف والشلهوب في الجهة اليمنى. وغاب تماما عن اجواء المباراة لاعب الاهلي المخضرم خالد مسعد وكذلك زميله الذي كان يقف في معظم نتائج الاهلي خالد قهوجي فتأثر وسط فريقهما بذلك الغياب لهذين العنصرين المهمين رغم تواجدهما على ارضية الملعب, وعلى الجانب الاخر كان خميس العويران وزميله عمر الغامدي يؤديان ادوارا غاية من الاهمية والاتقان دفاعيا وهجوميا واستطاعا بتعاونهما وتألقهما على السيطرة على منطقة المناورة في وسط الملعب ورسما جملا تكتيكية رائعة وكان توزيعهما للكرات يمينا ويسارا وعمقا لزملائهما في خط الهجوم مرهقا لمدافعي الاهلي الاربعة وخامسهم لاعب المحور ردريجو بيريز, الذين لم يستطيعوا ضبط الحركة الهجومية الهلالية التي كانت مستمرة ومتغيرة طوال الوقت. وكانت اولى المبادرات الهجومية الجادة للهلال في الدقيقة (8) عندما تلقى سامي الجابر كرة داخل منطقة الجزاء الاهلاوية ليتخطى عملاق الدفاع عبدالله سليمان ثم يعكس كرة بين يدي المتيقظ تيسير النتيف. رد بعدها الاهلي بهجمة اكثر خطورة عندما ارسل محمد شليه كرة طويلة من منتصف الملعب الى عمق منطقة الجزاء الهلالية لم يتعامل معها طلال المشعل كما يجب فطوح بها عاليا فوق المرمى الهلالي لتتوالى بعد ذلك الهجمات الهلالية بكثافة حيث تبادل الشلهوب وسامي كرة جميلة قرب منطقة الجزاء الاهلاوية انتهت الى سامي الذي فوجىء باندفاع عنيف من الخلف من قبل الجدوع فاسقطه ارضا مصابا فترتد الكرة الى هجمة اهلاوية انتهت الى لاشيء. اعقبها في الدقيقة (15) استعراض منفرد بالكرة من قبل سامي الجابر يمينا وشمالا على خط 18) للاهلي فسدد في الزاوية البعيدة في محاولة لخداع النتيف ولكن الكرة خرجت بعيدا. وبعد دقيقة فقط قاد احمد الدوخي هجمة قوية من مسرح عملياته في منطقة الظهير الايسر الاهلاوية وعكس كرة رائعة تخطت كل المدافعين فوجدت الشلهوب الذي استقبلها بيسراه واعادها مرة اخرى لزميله المتمركز امام المرمى الاهلاوي جاسم الهويدي الذي سدد برأسه طار لها النتيف واخرجها باعجوبة ضربة ركنية. وواصل الهلال سيطرته وهمينته على اجواء المباراة وتقديم عروض كروية جميلة وأخاذة وكان تنوعها أبرز ما يميزها. وفي الدقيقة (29) انطلق سامي الجابر بكرة نحو المرمى الاهلاوي فاسقطه عبدالله سليمان ليحتسب حكم المباراة ظافر ابو زندة خطأ خارج منطقة الجزاء نفذه سامي الجابر بدقة في عمق المرمى الاهلاوي وبكل ابداع أخرج تيسير آل نتيف الكرة إلى ضربة ركنية. وكانت تلك الهجمات الهلالية تحمل شيئا ما لابد من حدوثه وكان ذلك في الدقيقة (30) عندما انطلق سامي الجابر خلف كرة طويلة ارسلها احمد الدوخي في منطقة الظهير الايسر الاهلاوي فحاول عبدالله سليمان السيطرة عليها والاطمئنان عليها وهي تخرج ضربة مرمى ولكن بلمح البصر غمز سامي الجابر الكرة بقدمه واعادها للملعب فسقط سليمان ارضا وانطلق سامي نحو المرمى الاهلاوي وقدم كرة ولا اروع للهويدي الذي استلم الكرة ولف حول نفسه وسدد بعنف في المرمى الاهلاوي لترتطم بالمدافع عبدالحميد خيري واخذت طريقها لشباك النتيف معلنة هدف التفوق المستحق للهلال. وحاول الاهلي فعل شيء ما بعد هذا الهدف ولكن الهيمنة الهلالية كانت اقوى من كل تحرك اهلاوي,, وتسير دقائق الشوط الاول نحو النهاية وكاد حسين عبدالغني ان يعادل النتيجة في الدقيقة (44) عندما نفذ خطأ خارج منطقة الجزاء الهلالية كان له الدعيع بالمرصاد فأخرج كرته القوية الى ضربة ركنية. وكان رد الهلال بعدها عنيفا عندما قاد نواف التمياط هجمة هلالية في الدقيقة الثانية من الوقت بدل الضائع ودون اي مضايقة اهلاوية اقترب من منطقة الجزاء ثم سدد في الزاوية البعيدة لمرمى النتيف لترتطم في جسم المدافع عبدالحميد الذي غير اتجاه الكرة فخدع حارس مرماه ولم يستطع اللحاق بالكرة وهي تتهاوى في مرماه هدفا هلاليا ثانيا انتهى به هذا الشوط. الشوط الثاني: كان طبيعيا ان يتحسن اداء الفريق الاهلاوي مع بدء هذا الشوط في محاولة لتعويض تخلفه بهدفين ولكنه تحسن طفيف ساعده في ذلك هدوء لاعبي الهلال واستكانتهم ومحاولتهم تهدئة اللعب وعدم الاندفاع ولكن احمد الدوخي مدافع الهلالي الخلوق والهادىء جدا ارتكب حماقة لم يكن لها داع او مبرر في الدقيقة (12) عندما احتك بزميله مدافع الاهلي حسين عبدالغني لم يتردد الحكم ظافر ابو زندة بطرده بالكرت الاحمر بايعاز من مساعده عبدالله العقيل واحرج الدوخي فريقه وتسبب في احداث ازمة فنية داخل الملعب فلعب الاهلي ما تبقى من هذا الشوط في ملعب الهلال وضغط عليه كثيرا وحاول لاعبو الهلال المقاومة رغم النقص العددي ونجحوا في الحفاظ على مرماهم والاستبسال امامه بكل قوة وشجاعة وساعدهم في ذلك عدم وجود العاب هجومية فعالة او منظمة من الاهلي حيث افتقدوا القيادة في تنفيذ الهجمات التي كانت تتم كيفما اتفق وحاول زاناتا تعديل شيء في اداء فريقه الهجومي فاخرج ابراهيم سويد ودفع بعبدالرحمن أبو سيفين في الدقيقة (16) ولكن ذلك لم يغير من العشوائية الهجومية الاهلاوية وفي الدقيقة (20) اخرج يوردانيسكو مهاجمه جاسم الهويدي الذي اصيب بعد ارتطام قدمه في الارض ودفع بمحمد النزهان ليلعب مكان الدوخي المطرود وحاول سد الثغرة ولكن شتان بين الدوخي الظهير العصري وغيره من اللاعبين. ومع توالي الهجمات الاهلاوية كاد الكاتو ان يقلص النتيجة ولكن يقظة الدعيع ابطلت مفعول رأسيته المفاجئة في الدقيقة 21 وعاد حارس القرن الآسيوي محمد الدعيع للوقوف بصلابة وفدائية أمام الهجمات الأهلاوية المتكررة عندما خرج لملاقاة طلال المشعل المنفرد في الدقيقة 22 فارتمى على الكرة التي ارتطمت بوجهه وخرجت ضربة ركنية منقذا فريقه من هدف محقق. وفي الدقيقة 27 لعب المحور الأهلاوي ردريجو بيريز كرة ساقطة في منطقة جزاء الهلال للكاتو الذي كان متسللا فانطلق بالكرة رغم صافرة الحكم فاصطدم بعنف وتعمد في محمد الدعيع الذي أصيب وسقط ارضا يتلوى من الألم واكتفى ظافر ابوزندة ببطاقة صفراء للكاتو الذي ارتكب خطأين في وقت واحد وهما السير بالكرة بعد صافرة الحكم وتعمد اصابة الدعيع, وكان الكارت الأحمر مستحقا للكاتو فيما لو منحه إياه ابوزندة. وواصل الأهلي هجومه وضغطه على الهلال الذي كان بأمس الحاجة الى لاعبين نشطين وبالأخص في منتصف الملعب لاحداث توازن وتخفيف الضغط الأهلاوي الذي كاد يسفر في الدقيقة 35 عن هدف لولا ارتباك عبدالرحمن ابو سيفين وسقوطه ارضا وهو في مواجهة الدعيع تماما وداخل منطقة الجزاء الهلالية فلم يتمكن ابوسيفين سوى دفع الكرة بقدمه لتخرج ضعيفة ضربة مرمى هلالية وحاول مدرب الهلال استغلال المساحات الأهلاوية الخالية في الخلف نظرا للاندفاع الكبير للاعبين فاستبدل نواف التمياط بالجناح الخطر عبدالله الجمعان في الدقيقة 36 ليخرج فورا حسين عبدالغني من الأهلي ويلعب محمد دابو ثم يخرج ردريجو بيريز ويلعب حمزة صالح مكانه حيث اكتفى زاناتا بعبدالله سليمان وعبدالحميد جدوع في الخلف ودفع بكل اوراقه الهجومية للأمام وتحقق له ما أراد عندما سجل خالد قهوجي هدف فريقه الأول بتسديدة قوية من خارج منطقة الجزاء مستغلا كرة من ضربة ركنية تطاول لها محمد الدعيع ولكنها ذهبت في الزاوية البعيدة هدفا أهلاويا جميلا ولكنه متأخر جدا اذ جاء في الدقيقة 38. وحاول كابتن الهلال سامي الجابر إطفاء الحماس الأهلاوي بقيادته لهجمة زرقاء في الدقيقة 40 على الطرف الأيمن لخط الدفاع الأهلاوي فتصدى له عبدالله سليمان بكل عنف واستقطه ارضا ليصاب ويخرج للعلاج ثم يستبدل بيوسف الثنيان لعدم قدرته على اكمال اللعب رغم ان الحكم لم يحتسب حتى خطأ جراء تلك الممارسة العنيفة التي قام بها سليمان. وتمضي دقائق المباراة نحو النهاية في سيناريو مثير بين دفاع هلالي مستميت للحفاظ على الهدفين وكسب الكأس الغالية وبين هجوم أهلاوي عنيف ومكثف عابته العشوائية وعدم المنهجية. وكاد الأهلي ان يسجل هدفين متتاليين في الدقيقة 47، 48 من كرتين انفراديتين حيث طوح بالأولى حمزة صالح رغم انه في حالة تسلل واضحة ومكشوفة والثانية لخالد قهوجي الذي سدد في الزاوية اليمنى لمرمى الدعيع ارضية زاحفة تصدى (أسد حراس آسيا) بقدمه مخرجا إياها ضربة ركنية. وبعد ان تخطت دقائق الوقت بدل ضائع التي احتسبها الحكم الست دقائق واقتربت المباراة من لفظ انفاسها لم يجد البديل الاهلاوي محمد دابو بدا من التمثيل لعله يظفر بضربة جزاء على فريقه (ومن له حيلة فليحتال) فاسقط نفسه داخل منطقة الجزاء الهلالية في لعبة مشتركة ومكشوفة فعاقبه الحكم ببطاقة صفراء مستحقة, انهت كل الآمال الأهلاوية في تحقيق التعادل لينهي الحكم المباراة التاريخية بفوز هلالي مستحق وصريح ويتشرف لابعوه بالسلام على خادم الحرمين الشريفين واستلام كأس الغالية من يده الكريمة, ويسجل التاريخ اسماءهم في صفحاته بأخرف من ذهب. لقطات ** ظهر التحكيم بقيادة ظافر ابو زندة بمستوى فوق المتوسط بقليل وكانت عليه بعض الهفوات كتغاضيه على خشونة عبدالله سليمان مع سامي الجابر ثم الجمعان وكذلك تغاضيه خشونة الكاتو ضد الدعيع. ** احمد الدوخي بكل رعونة كاد يكلف فريقه خسارة فادحة بتصرفه غير المسؤول حيث وضع مدربه وزملاءه وجماهير فريقه في وضع لا يحسدون عليه. ** الهلال (السابع) في ترتيب الدوري هزم الاهلي المتصدر وهكذا هو الهلال عندما يكتمل. ** المدرب البرازيلي زاناتا تكرر سقوطه امام الهلال في النهائيات بشكل لافت للنظر, حيث اصبح الهلال عقدة لهذا المدرب. ** يوردنيسكو اثبت جدارته وكفاءته وعالميته وهو يقدم الهلال في افضل وابهى صوره وقدم درسا في الانضباط والاحترام والالتزام عندما رفض مشاركة المهاجم البرازيلي سيرجيو الذي تأخر في العودة من بلاده رغم ان مشاركة سيرجيو لو تمت كانت ستضفي على الاداء الهلالي شكلا آخر وربما زادت النتيجة كثيرا عما انتهت اليه.