من أهم وأكثر المصطلحات شيوعاً في عالمنا اليوم هو مصطلح «إدارة الأزمات» أو ما يُعرف ب Crisis Management.. فما المقصود به..؟ تعريف الأزمة، محلياً ودولياً، هو: حدث مفاجئ، يُعد خطراً أو تهديداً للنجاح والاستمرارية، ويستدعي قراراً سريعاً تجاهه. وقد تتكرر الأزمة أو تحدث مرة واحدة.. وتوجد أنواع (تصنيفات) عديدة للأزمات، سنذكر بعضها في هذا المقال. من أكثر أنواع الأزمات صعوبة على المنشآت والدول بشكل عام، هو أزمة «الكوارث الطبيعية» والتي تشمل الزلازل والفيضانات والحرائق والأوبئة، ومن الأمثلة هو ما تعرض له العالم من ضرر اقتصادي وصحي جسيم اثناء جائحة كوفيد - 19، والجهود الدولية الحثيثة الحالية للحد من آثار الجائحة ومحاولة التغلب عليها. النوع الثاني من الأزمات هو «الناتج عن خطأ فني في التصنيع»، ومثال ذلك ما واجهته شركة بوينغ، في عامي 2018 و2021، بعد حوادث تحطُّم بعض طائراتها من نوعي «ماكس 737» و»777». وقد كان العطب ناتجاً عن مشاكل فنية في التصنيع، مما أدى إلى إقالة رئيس بوينغ التنفيذي السابق وتعليق استخدام العشرات من طائراتها حول العالم. وقد انعكست هذه الأزمة اقتصادياً ليس فقط على بوينغ، ولكن على العديد من الشركات المصنعة مثل جنرال موتورز وعلى الاقتصاد الأمريكي بصورة عامة. والنوع الثالث هو أزمة «الأمن السيبراني» وتشمل كذلك مخاطر اختراق التقنية السحابية والأجهزة المحمولة والخوادم والحواسب والأجهزة الالكترونية الأخرى، بهدف الوصول إلى البيانات المهمة والحساسة. ومثال ذلك هو الهجوم السيبراني الذي تعرضت له وزارتي الخزانة والتجارة الأمريكيتين، في عام 2020، مما تسبب في سرقة بيانات من وزارة الخزانة والإدارة الوطنية للاتصالات والمعلومات التابعة لوزارة التجارة الأمريكية. وقد تم تدخل مجلس الأمن القومي ووكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية (CISA) للتنسيق والوصول إلى آليات تمنع مثل تلك الهجمات مستقبلاً. وتوجد أنواع أخرى عديدة للأزمات مثل: أزمة «الخطط الاستراتيجية وهوية المؤسسات» والتي واجهتها شركة نوكيا، كمثال، بعد ظهور الهواتف الذكية؛ مما تسبب في خسارتها استراتيجياً ومادياً، وكذلك الأزمات المترتبة على الأخطاء البشرية أو التخريبية وغيرها الكثير من الأنواع الأخرى. ومما يجب توضيحه، هو أن «إدارة الأزمات» تختلف عن «إدارة المخاطر» أو ما يُعرف ب Risk Management، وذلك لأن الأزمات هي ما قد وقع بالفعل، بينما المخاطر هي توقُّع وتقييم وتخطيط درء الأزمات والاستعداد لمواجهتها قبل حدوثها. أما بعد حدوث الأزمات، فتوجد ثلاث مراحل، وهي: مرحلة «تفاقم الأزمة» وإجراءات التجاوب والتعامل مع الحالات الطارئة، ومرحلة «إدارة الأزمة» وتقييم الإضرار ومن ثم المعالجة والإصلاح والتعافي، وأخيراً مرحلة «ما بعد الأزمة» وهي التخطيط لكيفية تلافيها أو التعامل معها مستقبلاً في حالة تكرار حدوثها بناء على الدروس المستفادة. من الجدير بالذكر هو الجهود الكبيرة للمملكة العربية السعودية في هذا المجال، حيث اتخذ مجلس الوزراء السعودي في عام 2.18، قراراً بتشكيل «مجلس المخاطر الوطنية» تماشياً مع رؤية 2030، برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ويضم في عضويته وزير الداخلية، ووزير الصحة، ورئيس مجلس إدارة الهيئة الوطنية للأمن السيبراني، ووزير البيئة والمياه والزراعة، بالإضافة إلى وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، ووزير المالية، ووزير النقل، ووزير الاقتصاد والتخطيط، ورئيس مركز الأمن الوطني.. ومن أهداف هذا المجلس تطوير «الاستراتيجية الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث واستمرارية الأعمال»، ويشمل ذلك تطوير اللوائح والحوكمة وإجراء تقييم شامل للمخاطر الوطنية، وتحديد مواطن الضعف، وتحديد الإطار العام لإدارة الأزمات والكوارث، وإعداد سجل شامل للبنية التحتية الحيوية في المملكة ومعلومات التواصل مع جميع الجهات ذات الصلة، والرفع بها إلى مجلس المخاطر الوطنية لاعتمادها. كما أصدر مجلس الوزراء، مؤخراً في بداية عام 2021، قراراً بضرورة وجود وحدة لتصنيف المخاطر في جميع الأجهزة الحكومية في المملكة. تتصدر المملكة في بذل الكثير من الجهود محلياً ودولياً في المجالات المختلفة، ومنها المجال المهم في إدارة المخاطر والأزمات.. فهنيئاً لنا بالوطن.