أدت الأزمة المالية العالمية إلى ضعف الثقة بين البنوك وعملائها، مما أدى إلى أزمة ائتمان في معظم دول العالم، بما في ذلك منطقة الخليج، تتمثل إما في انخفاض حجم القروض أو ارتفاع تكلفة الإقراض. وقد كتبت الأسبوع الماضي مفصلاً عن الارتفاع الملحوظ في تكلفة الإقراض في منطقة الخليج على الرغم من تخفيض أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية وتوفير السيولة من قبلها للنظام المصرفي. إذ بلغ الفرق بين سعر الفائدة الفعلي في منطقة الخليج (سندات وصكوك الشركات) وسعر الفائدة بين البنوك في سوق لندن، على سبيل المثال، حوالي 750 نقطة أساس، وهو مؤشر مقلق ينذر باستفحال الركود الاقتصادي والتأثير سلباً على تنافسية المنطقة. وجزء من المشكلة يتعلق بالقيود المفروضة على الإقراض من قبل الجهات الرقابية، ولكن المشكلة الرئيسية تكمن في تقييم مبالغ فيه لمخاطر الإقراض، وتقليد للبنوك في الدول الصناعية، دون تقدير للفرق بين البيئة الاستثمارية المحلية والبيئة الدولية، حيث لم يتعرض سوى عدد محدود من المؤسسات لخطر الإفلاس لدينا، بينما يتزايد خطر الإفلاس يومياً في الدول الصناعية في جميع المجالات الاقتصادية. والبنوك شركات تجارية لا تستطيع الحكومات إلزامها بتخفيض أسعار الفائدة، ولكن يمكن تهيئة بيئة أكثر ثقة وأقل مخاطرة للبنوك تمكنها من تخفيض أسعار الفائدة. وأحد أهم الوسائل التي يمكن اتباعها لتحقيق ذلك هي المشاركة في تحمل المخاطر أو underwriting risk. وقد اطلعت هذا الأسبوع على دراسة بعنوان «إدارة المخاطر: الأزمة المالية العالمية ومضامينها المستقبلية» Risk Management: The International Financial Crisis and Its Future Implications أصدرتها ثلاث منظمات أكتوارية عالمية، وتشير الدراسة إلى دور إدارة المخاطر في الخطط المالية التحفيزية التي تبنتها معظم الدول الصناعية، ففي ظل ظروف الأزمة المالية وانحسار الثقة بين البنوك نفسها، وبين البنوك وعملائها، فإن دور الحكومات من خلال تحمل المخاطر أصبح ضرورياً لإعادة تلك الثقة. وتوضح الدراسة أن هناك آليات كثيرة، مجربة وناجعة، يمكن للحكومات فيها أن تساعد البنوك في إدارة المخاطر وبالتالي زيادة حجم الإقراض وإحدى تلك الآليات هي المشاركة في تحمل المخاطر عن طريق ضمان القروض أو تمويل برامج التأمين عليها.