نوّه د. جورج جبور المستشار السابق في الرئاسة السورية بتجربة التوحيد التي قام بها الملك عبدالعزيز، وقال إنها تجربة رائدة للسياسة العربية المعاصرة وأهم مظاهر ريادتها أنها ما تزال ناجحة حتى الآن وأنها تبشِّر بنجاحات جديدة في وضعنا الراهن، وأتمنى أن يكون هناك مزيد من الاتحاد والتعاون مع الدول العربية وهذه الوحدة نحتاجها أكثر من أي وقت مضى لكي نجابه العالم وما فيه من رياح عاتية وتكتلات تهدد أمن الجميع، فقد كان الملك عبدالعزيز رائد العمل الوحدوي العربي وانعكس ذلك واضحاً على العمل العربي المشترك الذي تسعى اليه المملكة في سياستها وإستراتيجيتها المعهودة. وعن دور المملكة في تأسيس جامعة الدول العربية قال د. جورج إن المملكة عضو مؤسس مهم في جامعة الدول العربية ووجودها عامل مساعد للجامعة في أداء مهامها العربية والدولية. وللمملكة دور فاعل في مجال ايجاد وتغذية التضامن العربي وقياديتها في العمل العربي لم تكن موضع شك. ولقد كان لها دورها في مؤتمر أنشاص الذي جابه الأطماع الصهيونية قبل قيام اسرائيل وكان لها دور كبير في مؤتمر بلودان الذي تم فيه الربط بين الامتيازات النفطية والموقف من القضية الفلسطينية، وكان لها دورها في الإنهاض العربي بعد نكسة 1967م، كما أننا لا ننسى دعمها المتواصل للقضية الفلسطينية والقضايا العربية والإسلامية. خالد الفاهوم مهنئاً باليوم الوطني للمملكة: الملك عبدالعزيز أول من اهتم بالقضية الفلسطينية الأستاذ خالد الفاهوم، من المؤسسين الأوائل لمنظمة التحرير الفلسطينية، وعضو اللجنة التنفيذية الأولى لها، شغل منصب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني سابقاً، وهو يرأس حالياً جبهة الإنقاذ الفلسطينية. التقته «الجزيرة» وكان معه هذا الحوار: «الجزيرة»: الأستاذ خالد الفاهوم، بمناسبة العيد الوطني للمملكة العربية السعودية، كيف تقيمون التجربة الوحدوية التي قام بها الملك عبدالعزيز آل سعود بتأسيس المملكة، خصوصاً في ظل غياب تجسيداتٍ حقيقية لعمل وحدويّ عربيّ راهن؟ إنّ الملك المؤسّس «عبدالعزيز آل سعود» رحمه الله له أفضال كثيرة، ليس فقط على نجد أو الجزيرة، بل على البلدان العربية كافة، فبعد ان فتح الملك «عبدالعزيز» نجد وحرّرها من النفوذ العثماني، تطلع نحو الجزيرة العربية، وأيقن أنه دون الوحدة لا يمكن ان تكون هناك دولة قوية، أو دولة يؤمل خير منها، فكانت وحدة نجد والحجاز، وحّد نجد أولاً، التي كانت مجموعة من القبائل البدوية فاستطاع توحيدها كلها، ثم تطلع نحو الحجاز، وكانت الوحدة الأولى التي عاشت في الوطن العربي والتي ما زالت تعيش، هي وحدة نجد والحجاز في اطار المملكة العربية السعودية. وقد كان لهذه الوحدة دور كبير في انعاش الحجاز الذي كان يعيش عالة على الحجّاج، فهو فقير بالموارد، لكنّ الوحدة وظهور البترول والغاز في نجد والشرقية، حيث كانت العائدات كلها توزع بالتساوي على المملكة، أدى الى انتعاش الحجاز التي ما زالت منتعشة كما نعرفها اليوم. فهذه الوحدة دامت، وهي الوحدة الوحيدة التي دامت، فقد حدث بعدها وحدة بين سورية ومصر لم تعمر أكثر من ثلاث سنوات، حدث بعدها وحدة بين مصر وسورية والعراق لم تعش ابداً، وحدث وحدة بين شرقي الأردنوالعراق، الملك «عبدالله» والأمير «عبدالإله» عاشت سنة أو سنتين، وحدثت وحدة بين ليبيا ومصر وسورية ولم تعمّر. فالوحدة الوحيدة التي عمّرت هي وحدة المملكة العربية السعودية وذلك لأنّ الملك وآله، أي الأمراء السعوديين نظروا الى الحجاز كبلدهم، ولم يفرقوا الحجاز عن نجد، ولم يعطوا اية امتيازات لنجد على حساب الحجاز، فبقيت وحدة راسخة وقدوة لكل الدول العربية. يوجد الآن وحدة دول الخليج، وهي حتى الآن خطوة متدرجة، والدور الأكبر فيها للمملكة العربية السعودية، الدور الأكبر فيها للملك فيصل والملك فهد، لكنها حتى الآن هي عبارة عن كومفيديراليّة لم تنتقل الى مرحلة الوحدة القائمة مثل المملكة العربية السعودية. نأمل لوحدة دول الخليج الازدهار، المزيد من التضامن، والتعاون، والمزيد من الدعم للأمة العربية في كل اقطارها وخاصة للقطر الفلسطيني في نضاله من اجل قيام الدولة الفلسطينية المستقلة. «الجزيرة»: إذاً، فقد كان تأثير هذه التجربة كبيراً وإيجابياً في دفع العمل العربي المشترك نحو التضامن، وتفعيل الخطوات الوحدوية، كيف تجسد هذا التأثير عبر التاريخ؟ هذه الوحدة أثرت كثيراً، لنبدأ منذ البداية: ففي عام «1994م» عُقد لقاء بين المغفور له جلالة الملك «عبدالعزيز بن سعود» والسيّد «روزفلت» رئيس الولايات المتحدةالامريكية اثناء الحرب، وكان أوّل لقاء لهما في باخرة في البحر قبالة «جدة»، ولم يكن من جلالة الملك «عبدالعزيز» إلا أن حدّث «روزفلت» عن قضية فلسطين وضرورة تحريرها وعن حقوق الشعب الفلسطيني وأهمية الأقصى وفلسطين كبلاد مقدسة، لذلك كان له تأثير كبير على الولايات المتحدةالامريكية. هذا ما بدر من الملك «عبدالعزيز» عندما كان لايزال العرب متخلفين، منقسمين، ومستعمرين من انكلترا وفرنسا وغيرهما من الدول، ثم جاءت قرارات التقسيم، واندلعت حرب في عام «1948م» وأرسل جلالة الملك «عبدالعزيز» عدداً لا بأس به من القوات السعودية لتقاتل في فلسطين جنباً الى جنب مع الثوّار الفلسطينيين. فالسعودية لم تترك فلسطين أبداً. وبعد ذلك، وفي العام «1964م» عندما أنشئت منظمة التحرير الفلسطينية، وكنت أحد المؤسسين فيها، وعقد مؤتمر القمة العربية الثاني في الاسكندرية في فندق فلسطين في شهر أيلول، وكنت موجوداً، وكان رئيس منظمة التحرير آنذاك الأستاذ «أحمد الشقيري» وكانت علاقات هذا الأخير مع جلالة الملك «فيصل» علاقات سيئة جداً بسبب أنه أثناء حرب اليمن كان «الشقيري» ممثلاً للمملكة العربية السعودية في الأممالمتحدة، فأرسلت له برقية ليقدم شكوى ضد الرئيس «عبدالناصر» بسبب تدخله وإرسال جيشه الى اليمن، وكانت السعودية تعتبر ان الجزيرة العربية هي بلاد واحدة لايجوز لأحد التدخل بها، ف«الشقيري» رفض ان يقدم الشكوى فأقيل، وغضب عليه جلالة الملك فيصل. أعود الى القمة العربية الثانية عندما أنشئت منظمة التحرير، وأردنا ان تكون المنظمة ذات علاقات جيدة بجميع الدول العربية، وخصوصاً السعودية، فذهبنا، نحن أعضاء اللجنة التنفيذية الأولى الى أوتيل فلسطين وزرنا جلالة الملك «فيصل» في جناحه، وكان «الشقيري» معنا كي يصطلح مع جلالة الملك، وكان جلالة الملك «فيصل» كبيراً رغم غضبه من «الشقيري» وتكلم عن دور السعودية وعن عدة أمور أخرى، وعندما عقد الاجتماع النهائي تقرر دعم منظمة التحرير الفلسطينية، فتبرعت الدول العربية ببعض المبالغ لإنشاء مكاتب لمنظمة التحرير، ولإنشاء جيش التحرير الفلسطيني، وكانت أوّل دولة تبرعت للمنظمة، بالرغم من غضبها من «الشقيري» هي السعودية، حيث أعطانا الملك فيصل، وكنت وقتها عضو اللجنة التنفيذية الأولى كما ذكرت، مبلغ «مليون دولار» لإنشاء المكاتب، و«مليون دولار» لإنشاء جيش التحرير الفلسطيني، ووقتها فإن مبلغ «مليونا دولار» ليس بالأمر السهل، وللأسف لم نتلق دعماً مالياً إلا من السعودية فقط، السعودية كانت دائماً مع فلسطين. وبعد عام «1967م» والهزيمة التي منيت بها الجيوش العربية السبع في فلسطين، عقدت القمة العربية في الخرطوم، كانت العلاقات آنذاك بين مصر والتي كان يحكمها الرئيس «عبدالناصر» والمملكة العربية السعودية هي علاقات فاترة بسبب حرب اليمن، جلالة الملك فيصل كان كبيراً ومتسامحاً، وجد الرئيس «عبدالناصر» متضايقاً وكل همه ان يعيد تسليح الجيش المصري بعد ان فقد سلاحه، فقدم له جلالة الملك فيصل رحمه الله «40 مليون دولار» وهذا المبلغ في ذلك الوقت يعادل «مليار دولار» اليوم، فكان جلالة الملك «فيصل» مع فلسطين ومع القضية العربية، سواء كان الرئيس «عبدالناصر» صادقاً في علاقاته به ام كان متضايقاً منه، أيضاً، حادث آخر، عندما أتت حرب عام «1973م» التي تسمى بحرب «يوم الغفران» «حرب رمضان» وبدأها الجيشان المصري والسوري وأبليا بلاء حسناً ثم واجها بعض الصعوبات وكان دور المملكة العربية السعودية وجلالة الملك «فيصل» رحمه الله دوراً كبيراً، فأول عمل قام به جلالة الملك «فيصل» هو وقف انتاج النفط مما أثر على الغرب، وعلى الولايات المتحدةالامريكية، فاضطرت الى التدخل والى ارسال «كيسنجر» كي يجد حلاً ما لأنها تضايقت من موضوع وقف ضخ النفط. وهذا العمل من قبل جلالة الملك «فيصل» ليس بالعمل السهل، فهو عمل يحتاج الى رجولة وإلى شجاعة وإلى صفات رجل الدولة، وكان رحمه الله يتصف بهذه الصفات، كما ان جلالة الملك «فيصل» أرسل الجيش السعودي الى الاردن ليقاتل جنباً الى جنب مع سورية ومصر، والسعودية لم تتأخر يوماً عن نصرة قضية فلسطين. وبهذا الصدد أذكر حادثة بسيطة، جاء «كيسنجر» مبعوثاً من امريكا الى المنطقة بعد حرب «الغفران» حرب رمضان التحريرية عام «1973م» ليحاول ايجاد حل، وكانت اول زيارة له للمنطقة، وكان «كيسنجر» ليس وزير خارجية عاديا، كان وزير خارجية «سوبر» عملاقا، وله دوره في الولايات المتحدة، اتى الى المغرب بنية ان ينتقل من المغرب الى زيارة مصر، ونُصح في المغرب بزيارة المملكة العربية السعودية، فذهب والتقى بجلالة الملك «فيصل»، ويقول «كيسنجر» في مذكراته، ظل الملك «فيصل» يتكلم أكثر من ساعة ويحدثه عن اليهود، وعن الأذى الذي سببوه للأمة الاسلامية والأمة العربية منذ زمن الرسول الكريم وحتى الآن، وتحدث له عن مطامعهم وسوء نواياهم بكلام قاس وشديد، فما كان من «كيسنجر» إلا ان تضايق وقال للملك وهذه من مذكرات «كيسنجر» نفسه: «أنت تنظر إليّ كصهيوني، أنا يهودي ولكني لست صهيونيا» فأجابه جلالة الملك «فيصل» بأنه لايوجد فرق كبير بين اليهودي والصهيوني، فأغضب «كيسنجر» وأغضب الولايات المتحدةالأمريكية، وقال له في النهاية انه لابد من ان اصلي في الأقصى، فكان دور جلالة الملك «فيصل» كبيرا جداً في هذا الموضوع، وأخيراً وليس آخرا، الملك «فهد» أطال الله في عمره لعب دوراً كبيراً في القمة العربية التي عقدت في فاس عام «1983م» بعد خروج الفلسطينيين من لبنان، واقتحام اسرائيل مدينة بيروت، في تلك القمة حدث خلاف بين مندوب لبنان الى القمة «جوزيف ابو خاطر» وبين «ياسر عرفات»، وصرخ «جوزيف ابو خاطر» متألما لما حلّ بلبنان فرفعت الجلسة، وتدخل الملك «فهد» حينها وأصلح ذات البيّن بين «عرفات» و«أبو خاطر» ولم يطالب «أبو خاطر» يومها بانسحاب الفلسطينيين من طرابلس والشمال، وهذا كان دوراً كبيراً لجلالته. وفي نفس القمة قدم مشروع من قبل الملك «فهد»، وهو مشروع مشهور جداً، وقبل ووافق عليه المجلس الوطني، لكن كانت هناك بعض الاعتراضات من قبل بعض الفصائل الفلسطينية وليس من قبلها جميعاً، فتريّثوا في تنفيذ هذا المشروع الذي يعطي للفلسطينيين حقوقهم في إقامة الدولة، في القدس، وفي عودة اللاجئين، وأخيراً وليس آخرا جاء جلالة الملك «فهد» وسمو الأمير «عبدالله» ولي العهد في قمة بيروت التي عقدت قبل أشهر فقط، وقدمت المملكة مشروعاً سمي بمبادرة الأمير «عبدالله» ثم أصبحت المبادرة العربية، هذه المبادرة التي قبلناها ورحبنا بها، ومازال سمو الأمير «عبدالله» يحاول عبر ما يستطيع من نفوذ لدى امريكا وأوروبا كي يجري تنفيذ وتطبيق هذه المبادرة، ويكفي أن أقول أن القمة العربية قبل الأخيرة التي عقدت في القاهرة قررت التبرع لمنظمة التحرير، وللانتفاضة الفلسطينية بحوالي «400 مليون دولار» وأكد على ذلك في قمة بيروت، وكانت السعودية هي البلد الوحيد الذي دفع، وكانت حصتها «200 مليون دولار» وقد سددت تماما من قبل جلالة الملك «فهد» وسمو الأمير «عبدالله». السعودية مع فلسطين، داعمة لفلسطين، داعمة للشعب الفلسطيني، وداعمة للأمة العربية، ولم أسمع عن قضية عربية إلا وكانت السعودية داعمة لها. «الجزيرة»: من الواضح أن أثر المملكة عبر تاريخها كان كبيراً على جميع مناحي العمل العربي المشترك، ويبدو أن الأثر الأساسي كان على القضية الفلسطينية، مثلما يبدو أن أي أثر لأي عمل عربي مشترك يتركز بالضرورة على القضية الفلسطينية، كونها القضية المركزية للأمة العربية، كيف ترون الآن موقف المملكة، بعد المبادرة مما يحدث في الداخل الفلسطيني؟ والشق الآخر من السؤال هل أجهضت مبادرة سمو الأمير «عبدالله»، وإذا كان الجواب نعم، فمن أجهضها؟ كما ذكرت، فإن جلالة الملك «فهد» وسمو الأمير «عبدالله» وكل الملوك السعوديين، كانوا مع القضية الفلسطينية، وكانوا يعتبرون قضية فلسطين هي قضية العرب الأولى، ونحن الفلسطينيين، كنا دائما نؤكد على ان قضية فلسطين ليست قضية الفلسطينيين وحدهم، انما هي قضية الأمة العربية، لأن الخطر، خطر الصهيونية والتوسعية الاسرائيلية، ليس علينا فحسب انما هو خطر على الأمة العربية، وعلى ذلك فقد دعمت المملكة العربية السعودية شعب فلسطين، ولم تتدخل ابداً بالوضع السياسي في الداخل الفلسطيني، فالدول العربية الاخرى شكلت فصائل في منظمة التحرير، كل دولة لها فصيل، لكن المملكة لم تتدخل، ورفضت ان تتدخل في الشؤون الداخلية لنا كفلسطينيين، واسمح لي هنا ان اذكر انه في أيلول الأسود في عمان عام «1970م» ضرب الجيش الأردنيالفلسطينيين وعانينا كثيراً، والذي أنقذنا هو جلالة الملك «فيصل» عندما حضر القمة مع الرئيس «عبدالناصر» في القاهرة في فندق «الهيلتون»، تدخل جلالة الملك «فيصل» عند الملك «حسين» وضغط عليه من أجل أن يوقف المعركة والضغط على الفلسطينيين. الآن، بالنسبة لمبادرة سمو الأمير «عبدالله»، فالهجمة كبيرة جداً، أتتنا الآن مشكلة جديدة هي مشكلة العراق، والسعودية من موقعها العربي، ليس فقط كدولة عربية، بل كقائدة للدول العربية، تقول أنها ضد استعمال القوة مع العراق، بالرغم مما فعله الرئيس «صدام» بالكويت والسعودية في الماضي، هي ضد استعمال القوة، ضد الغزو الأمريكي، ولن تسمح بأن يكون التراب السعودي منطلقاً لغزو العراق، وهذا هو موقف كل الدول العربية، ومع الأسف، فالأزمة العراقية تأخذ دورا كبيرا الآن، وهي أزمة كبيرة ومهمة جداً، لكنها، للأسف غطت على فلسطين وأعطت ل«شارون» حرية كاملة بأن يفعل ما يشاء، يقتل ويكسر ويحرق ويعتقل ويحاصر، فيما الرأي العام العالمي خفف قليلاً من اهتمامه بفلسطين وأعطى الأهمية لموضوع العراق أكثر فأكثر، ولكن المملكة العربية السعودية بقيت مهتمة بالموضوع الفلسطيني، وعندما زار سمو الأمير «عبدالله» أمريكا مؤخراً، واجتمع في مزرعة «كروفورد» في «تكساس» مع الرئيس «بوش» وزار «بوش الأب» الرئيس الأسبق، كان كل حديثه عن فلسطين، وعن المبادرة العربية، التي وافقت عليها الولايات المتحدةالامريكية، فقد زار سمو الأمير «سعود الفيصل» وزيرالخارجية، امريكا خصوصا من اجل المبادرة العربية، وقبل عدة أيام زار سمو الأمير «بندر» سفير المملكة في واشنطن، «تكساس» والتقى مع الرئيس «بوش»، كل ذلك من أجل فلسطين، فمبادرة سمو الأمير «عبدالله» حيّة وقائمة لم تمت، ولن تموت، وإن يكن موضوع العراق، كما قلت لك، شغل الدول العربية والعالم الى حد ما عن موضوع فلسطين، وهذا ما يريده «شارون»، وهذا ما يسعى اليه كي يفعل بفلسطين ما يشاء، فالمبادرة لم تمت، وهي حية، وهي مبادرة فعالة ومنصفة وعادلة. «الجزيرة»: المبادرة لم تمت، كيف ترون سبل إنعاشها من جديد من قبل الدول العربية، والسعودية خصوصاً؟ آمل من العرب ألا يتلقوا مبادرات جديدة، مثلا هناك مبادرة من الدانيمارك تطرحها باسم الدول الاوروبية، ومبادرة أخرى امريكية من «بوش»، الآن كل هذه المبادرات تقلل من شأن المبادرة العربية، مبادرة سمو الأمير «عبدالله» فعلى العرب ان يرفضوا جميع هذه المبادرات ما عدا مبادرة سمو الأمير «عبدالله» ويركزوا عليها، ويضغطوا من أجلها في الأممالمتحدة التي ستعقد في الأيام القادمة، وفي كل المحافل الدولية، والسعودية لها دور كبير في ان تبقى هذه المبادرة حية وهي قادرة على ذلك، آمل ان ينفرج الموضوع العراقي بمجيء مفتشي الاسلحة الدوليين، وان يوافق الرئيس «صدام» على ذلك، آمل ان ينتهي الموضوع العراقي ليعود الزخم الى موضوع فلسطين، وبالتالي الى المبادرة العربية، مبادرة سمو الأمير «عبدالله» ولإعادة الحقوق الوطنية للفلسطينيين. «الجزيرة»: إذاً إنهاء المسألة العراقية هو من أهم الأسس لإعادة إنعاش المبادرة العربية؟ لاشك في ذلك، فالموضوع العراقي ليس سهلاً، إنها امريكا، وامريكا هي الدولة الأكبر والأقوى، وهي القطب الأوحد في العالم، و«بوش» يسعى الى استقطاب دول اخرى لتكون الى جانبه ضد الرئيس «صدام حسين»، والسعودية تبذل قصارى جهدها لمنع ضرب العراق، ففي اجتماع وزراء الخارجية العرب منذ أيام في القاهرة كان القرار الجماعي العربي رفض الغزو، ورفض التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة عربية، ورفض انحياز أي دولة عربية لأي هجوم على أي دولة عربية أخرى، فكان موقفاً مشرفاً، رغم ما حصل للسعودية والكويت من قبل العراق، وأظن أن الغزو الامريكي لن يتم إذا تعقل النظام العراقي، وإذا قبل قرارات الأممالمتحدة، وآمل أن يقبلها، عندئذٍ سيعود الزخم الى القضية الفلسطينية وإلى المبادرة العربية التي أطلقها سمو الأمير «عبدالله» . «الجزيرة»: كلمة أخيرة بمناسبة العيد الوطني للمملكة؟ نحن نهنئ السعودية بعيدها الوطني، عيد المملكة العربية السعودية المتحدة، الدولة الواحدة، الدولة الناهضة، الدولة التي اصبح لها دور كبير أكبر من مساحتها في كل العالم، أصبح لها دور سياسي كبير، وأصبح الجميع ينشد ود وحب المملكة العربية السعودية، فنحن نهنئ المملكة بهذه المناسبة، وأتمنى طول العمر لجلالة الملك «فهد»، والازدهار له ولإخوانه، وللعائلة السعو دية، ولجميع مواطني المملكة العربية السعودية أينما كانوا.