*القاهرة - مكتب الجزيرة - ريم الحسيني - عثمان أنور - إنصاف زكي: المتابع للسياسة الخارجية للولايات المتحدةالأمريكية يلحظ بسهولة تناقضاتها وارتباكها في معالجة عدد من الأمور خاصة علاقتها مع الدول العربية لكن النفاذ إلى جوهر علاقاتها يجد أساساً ومعالم واضحة تحتاج إلى رؤية ثاقبة لتبيانها ووضعها على المحك، والرؤية الثاقبة لصاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد كشفت حقيقة الحملة الإعلامية المغرضة التي تعرضت لها المملكة بسبب تقرير نشرته إحدى المؤسسات البحثية في أمريكا وهي مؤسسة راند كوربوريشن وعرف باسم تقرير راند والذي زعم ان المملكة العربية السعودية تدعم المنظمات الإرهابية وان المملكة عدو للولايات المتحدةالأمريكية وقد قوبل التقرير باستنكار شديد وأحدث ردود فعل داخل الولاياتالأمريكية نفسها حتى سارع المسؤولون في الولاياتالمتحدةالأمريكية بتهدئة الموقف، وتجاه هذه البلبلة وبرؤيته الثاقبة للأمور صرح صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد في الجلسة الاسبوعية لمجلس الوزراء ان العلاقة بين البلدين علاقات تاريخية تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة والسعي إلى تحقيق الاستقرار والسلام والعدل في العالم وفق الأعراف والقوانين الدولية. محض خيال تصريحات ولي العهد أكدت ان ما تضمنه تقرير راند محض خيال وان الشخص الذي أعده لا يدرك شيئاً وليس محللاً في شؤون الشرق الأوسط كما ان التقرير الذي قامت بالإعلان عنه اللوبي المسيحي الصهيوني في أمريكا يستهدف القطيعة بين البلدين والضغط الإعلامي على المملكة لتحقيق أهداف أخرى منها ضرب العراق ورفض انهاء الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية ورغم ان هذا التقرير عار من الصحة ولا يمكن ان ينطبق على المملكة بأي حال وان أسبابه معروفة وهي إثناء المملكة عن مواقفها الثابتة والشجاعة تجاه القضية الفلسطينية والقضايا العربية ومنها رفض توجيه ضرب للعراق إلا ان البحث عن أسباب السماح بنشر هذا التقرير لابد وان تقود المتأمل للسياسة الخارجية الأمريكية إلى مدى الضغوط التي يمارسها الأصوليون المسيحيون المتصهينون في أمريكا على الإدارة الأمريكية كما أنه يقود أيضا إلى الارتباك أو التطرف في السياسة الأمريكية تجاه الأحداث في منطقة الشرق الأوسط وعلاقاتها مع الدول العربية. ومساندة الإدارة الأمريكية لاسرائيل، وفي هذا الإطار يرى عدد من المحللين ان السياسة الأمريكية الخارجية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر أصبحت تتبنى استراتيجية التدخل الحاد ضد العرب والفلسطينيين وتجاهل موضوع الاحتلال الإسرائيلي وكذلك تجاه مايحدث من تدهور في المنطقة نتيجة العدوان الإسرائيلي والعمل على إطالة عمر الاحتلال وهذا ما لا يرضي الدول العربية والمملكة العربية السعودية بالطبع صاحبة الكثير من المساهمات والمبادرات الفعالة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق السلام وآخرها المبادرة العربية للسلام والتي بادر بطرحها صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز وتبنتها كل الدول العربية وهذا ما لا يروق لإسرائيل وأمريكا حيث تريد إسرائيل القضاء على آخر نفس في الأراضي الفلسطينية وتدعمها في ذلك أمريكا، بل أوجدت السعودية موقفاً عربياً معارضاً للمخططات الإسرائيلية وكشفت الحيل الإسرائيلية لاستمرار وإبقاء الاحتلال وعمليات القتل البشعة التي تمارسها ضد الشعب الفلسطيني وتعارض المملكة ومعها الدول العربية أي مخططات للنيل من المنطقة وتلتزم بالثوابت العربية والإسلامية وتصدى لأي تطرف من السياسية الإسرائيلية أو الأمريكية فتعارض ضرب العراق لذلك كان الفشل نصيب المبعوثين الأمريكيين الذين توالوا على المنطقة في الوقت نفسه تدرك المملكة جيداً التعامل مع الولاياتالمتحدة على أسس واضحة لاضرر فيها للأمة العربية والإسلامية وعلى هذا الأساس تتخذ العلاقة مكانتها ورسوخها كما أكد صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله، أما عن تقرير راند فما تزال ردود الفعل الشاجبة عليه تتوالى من قبل المحللين السياسيين والمفكرين وخبراء الاستراتيجية. حملة مغرضة يقول الدكتور مصطفى الفقي رئيس الشؤون الخارجية بمجلس الشعب المصري ان تقرير راند يأتي في سياق حملة إعلامية موازية للحملة لضرب العراق وهو يستهدف تسويغ ضرب العراق وبما ان المملكة العربية السعودية من المعارضين لضرب العراق فإن الحملة الإعلامية استهدفتها... أقول حملة إعلامية وليست حملة حقيقية لأن هدفها فقط الضغط على قبول ضرب العراق لكن العلاقات الأمريكية السعودية هي كما عبر عنها صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز هي علاقات متينة حيث قال في الجلسة الاسبوعية لمجلس الوزراء السعودي بأنها علاقات تاريخية تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة والسعي الى تحقيق الاستقرار والسلام والعدل في العالم وفق الأعراف والقوانين الدولية غير ان تسريب تقرير الهيئة الاستشارية الدفاعية الأمريكية (مؤسسة راند) الذي وصف السعودية بأنها دولة عدوة وتدعم الإرهاب يعد نموذجاً للحملات الإعلامية التي يقودها اللوبي المسيحي الصهيوني من أجل الضغط لاستهداف ضرب العراق وقبل ذلك كانت الحملة الإعلامية على مصر والتي تصاعدت في الآونة الأخيرة ساعية إلى تحقيق ذات الهدف بلى الذراع وأحب التأكيد هنا أن مقولة السعودية كعدو أو مصر كعدو ليست مقولة جديدة في حملات الإعلام الأمريكي حيث ظهرت هذه المقولات في فترات متفاوتة منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر ولكن هذه المقولات تصدر عن مراكز أبحاث ودراسات تسيطر عليها مجموعة اللوبي المسيحي الصهيوني في أمريكا وليس لها تأثير كبير على السياسة الأمريكية أو بالأحرى غير ملزمة للإدارة الأمريكية. رفض قاطع: ويرى الدكتور مصطفى علوي المحلل السياسي واستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة ان تقرير راند لم ينجح في الإساءة للعلاقة بين السعودية والولاياتالمتحدةالأمريكية والدليل على ذلك أنه بعد صدور التقرير والإعلان عنه سارعت الإدارة الأمريكية بتهدئة الموقف وأجرت الاتصالات اللازمة مع المسؤولين السعوديين وتأكد ذلك بتصريحات ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز التي أكد فيها على متانة وقوة العلاقات السعودية الأمريكية وهذا التقرير الذي قوبل برفض قاطع مليء بالمغالطات فالسعودية لاتمول المنظمات الإرهابية وليست عدوة ولكن من أعد هذا التقرير يريد الوقيعة بين البلدين واستغلال موقف الإدارة الأمريكية لضرب العراق والضغط على الدول العربية الرافضة لتوجيه هذه الضربة والرافضة للاحتلال الإسرائيلي واستخدام القوة العسكرية ضد الفلسطينيين كما ان الشخص الذي أعد هذا التقرير ليس محللاً في شؤون الشرق الأوسط ولايدرك ما يكتبه حيث دعا في تقريره الولاياتالمتحدة لاستهداف حقول النفط السعودية وهذا بالطبع كلام هراء وكل مافي الأمر ان المملكة العربية السعودية معروفة بثوابتها السياسية ومبادئها التي تدافع عنها والتي لا تتغير بتغير الظروف فهي تنادي بإنهاء الاحتلال الاسرائيلي في الأراضي الفلسطينية ولها مواقفها الثابتة في ذلك وقدم صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله مبادرة السلام التي تحولت إلى مبادرة عربية وهذا ما أغاظ الإسرائيليين واللوبي الصهيوني في أمريكا كما ان المملكة ترفض ضرب العراق تحت حجج واهية وكذلك ترفض ضرب أي دولة عربية تحت أي زعم وهذا ما لايرضى عنه ويرفضه اللوبي الصهيوني في الخارج لذلك يقومون بشن الحملات الإعلامية عليها وعلى أي دولة تحذو نفس الحذو، غير ان الإدارة الأمريكية رغم خلافها في عدد من الأمور أظنها لا تنساق كل الانسياق وراء مثل هذه التقارير فهي تدرك جيداً أنها لو وضعت السعودية أمامها كعدو ووضعت مصر لايصبح لها أي أصدقاء في المنطقة وتضر نفسها بنفسها وهذه من الأمور التي تدركها جيداً الولاياتالمتحدةالأمريكية، ولا أخفي القول ان المملكة ومصر هي الصديقتان اللتان تحملان تبعات صداقتهما مع أمريكا خلال السنوات الماضية بل ووقفتا مع أمريكا في عدد من المواقف وآخرها أحداث الحادي عشر من سبتمبر برفضها الإرهاب الذي تعرضت له الولاياتالمتحدةالأمريكية وهذا الأمر يعني أنه لو خسرت الولاياتالمتحدةالأمريكية صداقة المملكة العربية السعودية فإن أمريكا ستخسر كثيراً بل ستخسر العالم العربي والإسلامي أما عن أسباب السماح بالإعلان ونشر تقرير راند فيقول د.علوي إن أسباب ذلك ربما تكون معروفة فهي تتعلق بعدم خسارة الولاياتالمتحدة لتعاطف اللوبي الصهيوني في أمريكا حيث اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية في شهر تشرين الثاني ويسعى الرئيس بوش الابن إلى كسب التعاطف لصالحه هذا بالإضافة إلى الضغط الإسرائيلي المباشر حيث ماتزال مبادرة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله للسلام والتي تحولت إلى مبادرة عربية للسلام تضع شارون وبوش في موقف محرج بالنسبة إلى تحقيق السلام في الأراضي الفلسطينية المحتلة. غير ملزم ويقول د.السيد عليوة أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان: بداية لابد ان ندرك ان تقرير راند وغيره من التقارير هي غير ملزمة بأي شيء ولو قبلت به الإدارة الأمريكية فإنه سيعرضها لخسارة كبيرة فهو يضر بمصالح الولاياتالمتحدةالأمريكية قبل المملكة العربية السعودية والعرب، والتقرير المليء بالتجاوزات والمغالطات وهو أشبه بدراسة قامت بها مؤسسة راند وهي تعكس وجهة نظر اللوبي الصهيوني في أمريكا وهدف التقرير هو الضغط على المملكة العربية السعودية من أجل استهداف ضرب العراق وبالطبع السعودية رافضة لهذه الضربة فكانت الحملة الدعائية غير هذا لا تستطيع الإدارة الأمريكية ان تترك علاقتها مع المملكة العربية السعودية تسير في اتجاه سيئ لانها في هذه الحالة هي الخاسر الأكبر فالمملكة بلد كبير له مكانته وموقفه في قلب العالم العربي والإسلامي ولمصلحة الإدارة الأمريكية ان تحافظ على العلاقات مع المملكة طيبة وممتازة غير ان بوش الابن الواقع تحت الابتزاز اللوبي الصهيوني وابتزاز الحكومة الإسرائيلية يسعى إلى كسبهم أيضا من أجل مصالح يريد تحقيقها مثل وضعيته في الانتخابات القادمة وتصميمه على ضرب العراق وفي الوقت نفسه تسارع الإدارة الأمريكية إلى محاولة احتواء المضاعفات التي أحدثها التقرير والتأكيد على العلاقات الوثيقة التي تربط بين البلدين.من ناحية أخرى يجب ألا ننسى ان الضجة التي حاول اللوبي الصهيوني في أمريكا إحداثها من وراء هذا التقرير تعود إلى مواقف المملكة العربية السعودية الثابتة إزاء عدد من القضايا العربية والإسلامية في مواجهة الغطرسة الإسرائيلية وضد البطش والإرهاب الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني كما ان المبادرة العربية للسلام والتي التزم وتمسك بها كل الدول العربية هي في الأساس مبادرة سعودية ووضعت إسرائيل في موقف العدو الظالم والباطش أمام الرأي العام العالمي ولا تستطيع إسرائيل فعل شيء لمحو هذه الصورة إلا المزيد من أعمال القتل والدمار، وأود القول ان الدوائر الضاغطة في أمريكا هي صهيونية من مصالحها القتال بمحاولات الوقيعة بين أمريكا والمملكة العربية السعودية والبلدان العربية.