أكد قيس عبدالكريم أبو ليلى الرجل الثاني في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين أن العنصر الأبرز في الوضع الراهن هو العدوان الإسرائيلي المتواصل والمتصاعد ضد الشعب الفلسطيني، الذي يأخذ شكل الاجتياحات المتكررة للمناطق الفلسطينية وبشكل خاص المدن الكبرى وهناك حصار إسرائيلي وحشي متواصل على المدن الفلسطينية في محاولة لفرض نظام جديد أشبه بنظام التمييز العنصري. وقال قيس عبدالكريم في حديث صحافي خاص: في ظل مثل هذا الوضع يتضح بشكل صارخ أن ما يسمى بعملية السور الواقي انتهت بفشل ذريع، فهي لم تستطع أن تحقق أهدافها في وضع حد للمقاومة أو لكسر الارادة السياسية للشعب الفلسطيني، المقاومة مستمرة وارادة النضال لدى الشعب الفلسطيني باقية دون أن يتم النيل منها، ولهذا العدو الإسرائيلي ان يغطس في الوحل في محاولة لإيجاد حل عسكري أو حسم عسكري للصراع الجاري دون أن يحقق أي نجاح على هذا الصعيد، وأضاف قائلاً في هذا السياق تأتي التحركات السياسية الأمريكية المنسقة مع العدو الإسرائيلي، وأمريكا تتخذ لنفسها اتجاهات ثلاثة. الأول: الضغط المتواصل على السلطة الفلسطينية من أجل اعادة قولبتها على نحو يجعلها مطواعة للاملاءات الأمريكية ومنسجمة مع متطلبات الأمن الإسرائيلي هذا يجري تحت انحياز زائف والحديث عن اصلاح وديمقراطية وشفافية هو في الواقع عكس ذلك تماماً. الثاني: ما يسمى المحور الأمني، التغطية السياسية الأمريكية على الاستباحة الإسرائيلية المتواصلة للمناطق الفلسطينية في محاولة لاستئصال جذور المقاومة مدعومة أمريكيا بحجة حق إسرائيل في الدفاع عن النفس. ثالثاً: التظاهر من جانب الولاياتالمتحدة بالبحث عن حل سياسي للأزمة وهذا يتجه باتجاهين: الأول الإعداد لما يسمى بالمؤتمر الاقليمي أو الدولي للسلام، لا ترى فيه الولاياتالمتحدة أهلية للوصول إلى تسوية متوازنة وجادة بقدر ما ترى فيه وسيلة لتخدير الشعب الفلسطيني ولفتح أبواب التطبيع بين إسرائيل والدول العربية، وتهيئة الوضع في المنطقة في سياق استعداداتها للعدوان على العراق. وذكر قيس عبدالكريم أن اطلاق الأفكار الأمريكية حول ما يسمى بالدولة الفلسطينية المؤقتة هو محاولة جديدة لخداع الشعب الفلسطيني ولإيجاد نقاط تقاطع مع المشاريع المفروضة التي يطرحها شارون وحكومته تحت عنوان الحلول الانتقالية بعيدة الأمد، فالفكرة الأمريكية المسماة بدولة انتقالية أو دولة مؤقتة نسخة أخرى من المشروع الشاروني، أمريكا تريد كياناً فلسطينياً ممزقاً إلى عدد من الكانتونات تسيطر عليه إسرائيل في جميع المجالات ومفتوحاً للاستباحات الإسرائيلية يطلقون عليه اسم دولة ويعتقدون بأنهم بهذا يمكن أن يقدموا نقطة اغراء للشعب الفلسطيني، بينما في الواقع الشعب الفلسطيني مدرك أن هذه الخدعة ليست سوى محاولة أمريكية لتمرير المشروع الذي يطرحه شارون منذ فترة، وهذه محاولة أمريكية إسرائيلية منسقة لقطف ثمار العدوان العسكري من خلال طرح حلول سياسية استسلامية على الشعب الفلسطيني.. وفيما يلي نص الحوار: * أمريكا ما زالت تراوغ في التعاطي مع القضية الفلسطينية وتتبنى الرؤى الإسرائيلية ما تعليقكم على ذلك؟ - أمريكا لم تكن يوماً من الأيام مع تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، فجميع المبادرات الأمريكية التي قدمت بدءاً من مبادرة روجرز حتى الآن تستهدف التحايل على قرارات الشرعية الدولية والالتفاف عليها وتمكين إسرائيل من تجاوز قرارات الشرعية الدولية. فالأفكار الأمريكية الجديدة لا تخرج عن هذا النطاق، فأمريكا ترى أن الركن الاستراتيجي في المنطقة من خلال الهيمنة الإسرائيلية الاقليمية المحلية على عموم الدول العربية هو التوسع في الأراضي الفلسطينية واخضاع الشعب الفلسطيني، ولهذا تشكل الولاياتالمتحدة علناً أو سراً دعماً للمطالب التوسعية الإسرائيلية «المستوطنات والقدس»وأمريكا نصير للمواقف الإسرائيلية الذي لا يرى في القرار «242» وغيره من قرارات الشرعية الدولية دعوة للانسحاب إلى حدود الرابع من حزيران عام 1967، بل أمريكا تحاول أن تعطي تفسيرات أخرى لهذا القرار تجعل منه قاعدة للتفاوض حول حدود تأخذ بعين الاعتبار المطامع الإسرائيلية التوسعية. * الرؤية الأمريكية تجاه التسوية ما زالت غامضة، وما زالت مواقف واشنطن في طوار التصريحات المتناقضة هناك. انقسام حاصل في الإدارة الأمريكية ازاء الشرق الأوسط. - هناك عناصر تناقض يواجه الولاياتالمتحدةالأمريكية وهذا التناقض هو أن مصلحتها في الحفاظ على تحالف نوعي مع إسرائيل يتعارض مع حاجتها إلى تهدئة العداء المتزايد في المنطقة والشعوب العربية، الذي يؤثر على مصالحها سلباً. * حكومة الارهابي شارون تواصل مسلسل العدوان الوحشي اليومي ضد الشعب الفلسطيني وسيناريو ضرب البنى التحتية للسلطة واستهداف المقاومة الوطنية مستمر بمعنى آخر ليظهر المشهد وكأنه اتفاق أمريكي إسرائيلي؟ - صحيح أن الكلام الأمريكي عن السلام جعجعة وان الطحن الفعلي والحقيقي هو الكلام الأمريكي عن ما يسمى بحق إسرائيل الدفاع عن نفسها أي الكلام الذي يغطي ويبرر الجرائم الإسرائيلية المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني ونعتقد أن الآلية لتغيير هذا الموقف الأمريكي هي الضغط على مصالح الولاياتالمتحدة، ولدى العرب أسلحة قوية جداً، وأسلحة تكاد تكون فتاكة وبإمكان العرب أن يستخدموها دون أن يؤثر ذلك تأثيراً جوهرياً على مصالحهم ولكنه على المدى البعيد سيجبر الولاياتالمتحدة على أن تعيد النظر في موقفها هذا. * المشهد الواضح للعيان لمعادلة الصراع يشير إلى أن واشنطن أطلقت يد مجرم الحرب شارون وحكومته الفاشية بتنفيذ مخطط تصفية القضية الفلسطينية بينما تمارس الإدارة الأمريكية سياسة الإلهاء والتلاعب بالألفاظ والتصريحات وتدعم إسرائيل سياسياً واستراتيجياً؟ - لا شك هناك امكانية لإنجاح استراتيجية عريبة تعتمد على عدد من القوائم الرئيسية: أولاً: استمرار الانتفاضة والمقاومة الفلسطينية. الثاني: الدعم العربي المتواصل بكل الوسائل السياسية والمادية لهذه الانتفاضة والمقاومة. ثالثاً: المقاطعة العربية الشاملة لإسرائيل دبلوماسيا واقتصادياً. الرابع: استخدام كل وسائل الضغوط على مصالح الولاياتالمتحدة في المنطقة من أجل حملها على تغيير موقفها باتجاه حد أدنى من التوازن لكي تستطيع أن تقوم بدورها في عملية السلام. هذه الاستراتيجية المربعة الأضلاع تحركها الجماهير التي تضغط على قيادتها السياسية لتبني هذه الاستراتيجية فالتحركات الشعبية تشعر الولاياتالمتحدةالأمريكية وكل حلفائها في المنطقة بأن الشعوب العربية لا يمكنها أن تقبل باستمرار الخنوع العربي الرسمي للعربدة الإسرائيلية والغطرسة الأمريكية وتضطر بالتالي القيادات العربية إلى أن تنساق مع رغبات وارادة شعوبها وتتخذ خطوات وان كانت محدودة ضد إسرائيل وضد الولاياتالمتحدة. * إلى أين يقود المخاض الحالي القضية الفلسطينية والنظام الاقليمي العربي في ظل المعطيات الحالية؟ - بالرغم مما تبدو عليه الأوضاع من سوء وترد، ولكن نحن الآن في ربع الساعة الأخير الذي سيصل فيه العدو الإسرائيلي إلى ما يشبه الانهيار لسياسته العدوانية، وهذا لا يعني أن إسرائيل ستنهار أو قوتها العسكرية ستدمر، لكن هذا يعني أن ارادتها السياسية لمواصلة السعي إلى حل يقوم على الحسم العسكري ضد الانتفاضة والمقاومة سوف تضعف وتتآكل، وهذا سيقود بالتالي بالضرورة إلى بداية التراكم لتحقيق أهداف الانتفاضة والمقاومة في فرض حل سياسي يستجيب ويضمن حقوق الشعب الفلسطيني في الاستقلال والعودة.