من الإجراءات الرائدة التي تسجل في الذاكرة والتاريخ بأحرف من ذهب توجيه الجهات الحكومية لاقتناء الأعمال الفنية والمنتجات الحرفية الوطنية في مقراتها وقصرها عليها بمعنى أن المقرات الحكومية سيكون جمالها ورونقها سعوديا خالصا وقد لا يرى بعضهم في هذا الخبر غير توجيه عادي، وفي الحقيقة وبالنظر والتحقيق في أبعاده وبالتفحص في دلالاته نرى أن مجلس الوزراء بموافقته على هذا المقترح لولي العهد فقد فتح باب عهد الصناعة الثقافية السعودية على مصراعيه، وبنى لبنة أولى باتجاه نحت أسس سوق للمنتجات الرمزية الوطنية هي الأولى في الخليج العربي والشرق الأوسط كيف لا وهي تفتح سوقاً هي الأهم في مجال المقتنيات الإدارية في العالم العربي أمام المبدع والفنان الحرفي السعودي، وبما أن الوظيفة تخلق العضو على حد تعبير داروين، فإن فتح باب المقتنيات الإدارية على إبداع الفنان السعودي سيصنع أجيالاً من المبدعين في مختلف المجالات التشكيلية والحرفية وغيرها، أجيالاً تدين لهذا الإجراء التاريخي كما سيخلق تنافساً وحيوية في قطاعات تخريج الفنانين من جامعات ومراكز تدريب حرفي وستتوفر جودة تفرضها اشتراطات الجهات المقتنية، فالفنان سيكون له متسع من المجال للعيش بمكانة تليق به في مؤسسات بلده من خلال تكريمها له بقصر مقتنياتها عليه.. التأسيس لصناعة ثقافية رائدة ومعاصرة على غرار ماهو موجود في أمريكا وأوروبا ليس بعيد المنال بعد هذا الإجراء إنه بالمعنى الرياضي كرة في شباك التاريخ يعني أنه ستكون هناك سوق للمنتجات الرمزية، هذه السوق تتطلب صناعة ثقافية وجوهر هذه الصناعة الثقافية المبدع والحرفي الذي يترجم عصره وهويته في منتج ثقافي يكون شاهداً عليه في المقرات الحكومية التي ستتجمل بإبداع سعودي خالص.. بهذا الإجراء وتطبيقه ستصبح المجالات التدريسية التشكيلية والحرفية من أكثر المجالات التعليمية ارتياداً لأن سوق شغلها مضمون أيضاً، وهذا مهم جداً أن مكانة الفنان التشكيلي في مجتمعه ستكون مرموقة بعد أن صارت مكانة خريجي الشعب العلمية هي الأكثر وسامة في مجتمعات الشباب التعليمي، كما ستوفر قاعدة بيانات لفنانين تشكيليين بعضهم يعيش بيننا بل وسيطور إنتاجه كماً وكيفاً بفعل السوق المحفزة على الإبداع والتي تتطلب جدية تقنع العميل وللوحات مسماة ومكناة لها وجود في عالم الفن تبقى بعد صاحبها هذا الكم والرصيد الذي ستفرزه هذه السوق ستنتج عنه متاحف وطنية ذات شأنال في مجال الفنون التشكيلية والحرفية وستصبح السعودية من عواصم الفن التشكيلي العالمي، وستكون هناك مزادات معتمدة يقصدها القاصي والداني وستكون هناك بورصة المنتجات الرمزية بل قد يصل الأمل إلى منتهاه بتأسيس صناديق تمويل مشاريع الصناعة الثقافية لأنها صناعة هامة ومدرة بأرباح خيالية إن أحسنت إدارتها وفق خط إستراتيجي واضح الأسس والأهداف والمسار فألف مبروك للفنان التشكيلي والحرفي بهذا الحدث التاريخي وكلنا ثقة أنه سيكون في مستوى تقدمية وحداثة قادته.