نعم، وبكل تأكيد، منصور التركي -رحمه الله- علم من أعلام التعليم، ستفقده الساحة العلمية وسنظل نذكره كلما تذكرنا ما قدمه لوطنه من أعمال في جامعة الملك سعود ثم في وزارة المالية، ثم في جامعته مرة أخرى، مديراً لها. وحالماً استلم مسؤوليته شمرعن ساعديه وعمل على إكمال مشروع الجامعة في مقرها الجديد، ومن ثم الانتقال إليها من مقرها القديم في الملز، ولكي ينجز العمل نقل الإدارة من الملز إلى المقر الجديد في مبنى مؤقت، وكنا نحضر مجلس الجامعة الذي كان يعقده -رحمه الله-، في المساء وكنا نمر من طريق المغرزات (الآن طريق الملك عبد الله) قبل أن يرصف، كنا نمر بحي المحمدية الغربي الذي لم ينشأ فيه مساكن بعد، نأتي من مساكننا في الرياض إلى المقر الجديد للجامعة على طريق الدرعية، وذلك المقر أقرب إليه بلدة عرقة الحالية. كان العمل مع الدكتور منصور محبباً إلى النفوس، عملت معه عندما كنت رئيساً لقسم الإعلام ومن ثم عميدا لكلية الآداب، التي توسعت بعد انتقال إدارة الجامعة إلى الدرعية، كان انتقال إدارة الجامعة متنفساً لأقسام الآثار والدراسات الاجتماعية والإعلام ومركز البحوث. رحمك الله يا دكتور منصور، كان العمل معك مشوقاً ومحبباً للنفس ودافعاً إلى العطاء، لن ننسى بساطته وأريحيته وصراحته، مما اتذكر أنه لم يكن راضياً عن سير الإرشاد الأكاديمي للطلاب بعد تطبيق نظام الساعات المعتمدة، وقال أمام جمع كبير من أعضاء هيئة التدريس، وكنت ممن حضر، قال: إن لم يتحسن وضع الإرشاد الأكاديمي فسنضطر إلى العودة إلى النظام الدراسي الفصلي، كان محقاً،- رحمه الله تعالى-، في ذلك إذ إن الإرشاد الأكاديمي يمشي يداً بيد مع نظام الساعات الجديد، وإن حصل خلل في الإرشاد فسينعكس سلباً على العملية التعليمية برمتها، تهديد منه، رحمه الله، وكان محقاً في ذلك. منصور التركي صاحب الخلق الحسن واللطافة والبشاشة والبساطة، يستقبلك في مكتبه بمصافحة يمد بها يده إليك من بعيد متحركاً من وراء مكتبه الفخم، كان الرجل المناسب، -يرحمه الله-، في المكان المناسب. إن القيادة الحسنة تنعكس بإيجابياتها على منسوبي المؤسسة وتحث على العطاء والإنتاجية الفعالة -رحمك الله- يا دكتور منصور، وجعل الله ما قدمته لوطنك في ميزان أعمالك، جبر الله مصاب ذويك وطرح الله البركة في عقبك (إنا لله وإنا إليه راجعون).