تمتد جامعة الملك عبدالعزيز في جذورها إلى رجال شيدوا أساسها وبنوا أركانها يوم أن كانت في بداية إنشائها، وهم بفضل الله كثر من مديرين ووكلاء وعمداء ووكلاء عمادات ورؤساء أقسام وأعضاء لجان وأساتذة أكاديميين وفنيين وإداريين.. حركة دؤوبة عاشتها الجامعة من العمل المتواصل من رجال مخلصين منذ أن وضع حجر الأساس لها إلى يومنا هذا حتى وصلت إلى ما وصلت إليه وتبوأت مقعدًا في مصاف الجامعات العالمية وبها من العطاءات ما يزهر عنه من تفتح عقول وبناء فصول وجديد حقول. اختار لكم اليوم من ذاكرة الجامعة (ذاكرة الجامعة سلسلة من المقالات تتحدث عن جامعة الملك عبدالعزيز) شخصية عرفتها عن قرب كوني تلقيت على يدها العلم طالبًا وكنت تحت إدارتها معيدًا ومحاضرًا ويتصف صاحبها بأنه النقي الحصيف وأظنكم عرفتموه هو معالي الدكتور عبدالله عمر نصيف -شافاه الله وعافاه- فقد درسني مادة الجيولوجيا كمادة اختيارية عندما كنت طالبًا في كلية العلوم وكانت هذه المادة من متطلبات الكلية الاختيارية لأن الجيولوجيا كان قسمًا يتبع كلية العلوم وقتها ووصفي له بالنقي ليس مبالغًا فيه فكل من عرفه يعرف هذه الصفة فيه فهو لا يعنيه أبدًا في حياته إلا صلاحه وما يقدمه من عمل وما يقوم به من أداء ومن شدة نقاوته ولا نزكيه على الله أن بعض من يناؤه الحديث ويعارضه الفكر يتجاوب معه إيجابًا بابتسامة وردية تعبر عنها نواجذه الخلفية قبل أسنانه الأمامية فهو مع كونه دائم الابتسام تعبيرًا عن نقاوة قلبه يمد جسور البساطة والضحكة البريئة مع من لا يرى أنه يوافقه الرأي وليس هذه النقاوة عنده حكرًا على من هو يحتك معهم من زملاء العمل إنما «عامة» يمنحها للطلاب والمستخدمين والإداريين والمراجعين وحتى من لا يعرفهم يظهر لهم المعرفة والتودد كأن بينه وبينهم حبال من الصداقة والعلاقة وأما الصفة الأخرى التي ميزت شخصيته فكونه رجلا حصيفًا وهذه الصفة لا يدركها منه إلا القليل.. كون بساطته ونقاوته طغت على شخصيته وما أدرك منه من عرفه إلا ذلك إلا أن صفة الحصافة مصاحبة له والحصافة التي أعنيها فيه هي انه محكم العقل وسديد الرأي يوزن الأمور بميزان السداد والصواب، ومن صوابه وسداده وحصافته حسن علاقته مع جميع الناس وأكاد أجزم ان ليس من تعامل أو عرف عبدالله نصيف لقي منه جفوة أو عامله بقسوة حتى من يقصده بحاجة من بسطاء الناس ثم يكررها عليه ظانًا منه أنه يستغفله فإنه لا يرده ولا يمل منه ويجامله ويستقبله.. أما الحديث عن صفات ومزايا وعطاءات هذا النقي الحصيف فمسطرة في تاريخ الجامعة وسيرتها وفي تاريخ رابطة العالم الاسلامي وسيرتها وفي تاريخ مجلس الشورى وسيرته وفي تاريخ الكشافة وسيرتها وفي تاريخ العمل الخيري وسيرته وفي تاريخ المجتمع الجداوي وسيرته.. إن نقاوته وحصافته تغمر كل من عرفه وتعامل معه أو علمه ودرسه حباً له وأنا واحد منهم وسيرته العطرة فضل من الله عليه وهي نتاج تربية أسرة كريمة وعائلة معروفة، حفظه الله ورعاه ومن كل داء شافاه.