الفنون والآداب صوت المثقفين عادة تظهر من الشدائد عملاً فنياً قد يتم نقل بشاعته ليرى المثقفون المأساة وتأثرها على البشرية، وقد يقدم بطريقة أكثر جمالا من واقعه. هناك من يكتب ويرسم ويقول الشعر أثناء الأزمة بعضهم يحفز الناس على الصبر والثبات وبعضهم يسمع الناس صدى ذلك. في عام 1947 وكان شعر التفعيلة للتو يشق عن وجهه عبر رواده، نازك الملائكة، بدر شاكر السياب ومحمود البريكان ومن ثم عبد الوهاب البياتي.. كتبت نازك الملائكة قصيدتها الذائعة الصيت (الكوليرا) موجهة لمصر النيل التي نالت من الكوليرا الشيء الكثير، قصيدة طويلة مزدحمة بالأفكار والصور، اقتطع منها: يا حُزْنَ النيلِ الصارخِ مما فعلَ الموتْ طَلَع الفجرُ أصغِ إلى وَقْع خُطَى الماشينْ في صمتِ الفجْر, أصِخْ, انظُرْ ركبَ الباكين عشرةُ أمواتٍ, عشرونا لا تُحْصِ أصِخْ للباكينا اسمعْ صوتَ الطِّفْل المسكين مَوْتَى, مَوْتَى, ضاعَ العددُ مَوْتَى, موتَى, لم يَبْقَ غَدُ في كلِّ مكانٍ جَسَدٌ يندُبُه محزونْ لا لحظَةَ إخلادٍ لا صَمْتْ تجاوزت مصر الأزمة وعادت قوية شماء، ومما يذكر أن العراق آن ذاك أرسل بعثة طبية ساعدت في العلاج، (نشرت جريدة الأخبار صورة الوفد قبل بضعة أيام مهداة من الزميل داوود الفرحان). أيام الطاعون الذي لا يذكر إلا تذكر الآية الكريمة {سَلَامٌ قَوْلًا مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ} لما سببه من موت كبير في كل أنحاء العالم، وكانت الجثث تتناثر في كل مكان، البير كامي أخذ الوباء عبر روايته الشهيرة (الطاعون). عبر شخصيات (الطاعون) سجل انطباعه عن تصرف الإنسان وقت الشدة بحيث يظهر على حقيقته. فهناك الطبيب الذي يعالج بآلية لا يهتم بمن يعالجهم كما لا يهتم أن يكون الضحية القادمة أم لا، المتشرد المجرم المحكوم وهو يساعد ويركض في كل الاتجاهات، هو الإنسان الحق. وهناك شخصية الصحفي الوصولي الذي يحاول الهرب بشتى الطرق نظامية أم غير نظامية. المكان مدينة وهرانالجزائرية. ولكن أشخاص البير كامي من المستوطنين الفرنسين الذين تركوها في عام 1962 عام استقلال الجزائر. قد تنهال علينا الأحداث ما سجله أقلام الكتاب والمؤرخين لما يمر على البشرية من متاعب ومصاعب فتنجو منها، ولكن الإنسان يعبث بحياة أخيه الإنسان فينشر الرعب عبر الحروب ومنها الأوبئة فقد شهدت منطقة الخليج والعراق آثارا مرضية سرطانية بسبب اليورانيوم غير المخصب. بل الأكثر من ذلك في لحظات سوء ينتج الفايروسات والجراثيم بحرب (بيولوجية) ومنها أيضا حرب تصنيع الأدوية واستغلال المرض. من بين الأفلام التي بقيت في ذاكرتي فيلم (امرأتان) للجميلة صوفيا لورين الفيلم إنساني بمعنى الكلمة. من تأليف الكاتب الكبير (البرتو مورافيا) وإخراج وسيناريو (فيتوريو دي سيكا) يؤرخ لدخول الحلفاء روما ومن ثم تتطور الأمور يسلط على الوضع العام ويركز على الأم التي تهرب بابنتها الجميلة خوفا عليها.. (صوفيا لورين) أدت الدور وطبعا أتقنته. ويلات الحرب الهرب والاغتصاب. يستحق المشاهدة عبر اليوتيوب خاصة هذه الأيام ونحن في البيوت. (الحب في زمن الكوليرا) رواية للكاتب الرائع الكولومبي (غاربيل غارسيا ماركيز) الرواية جميلة تلف كثيرا لحبيبين مراهقين. تتزوج الحبيبة من طبيب شاب وتترك الحبيب. الذي لا يتركها ويستمر عاشقا لها، حتى يظهر أمامها مع الورد عند وفاة زوجها تطرده ولكنه لا يتركها حتى ترضخ له وهما في السبعين بمباركة أبنائها. وبرحلة بحرية ينتشر الكوليرا بسفينتهما، لا يباليان فالحب ينشر ظلاله. عزيز نسين استلم حوادث تركية كبيرة وكتب وأبدع، في العراق لطفية الدليمي كتبت عن الحرب العراقية الإيرانية فيما أذكر كتبت عن روايتها (بذور النار). بعد الغزو الأمريكي رواية (فرانكشياين في بغداد) التي فازت بجائزة البوكر العالمية، للكاتب أحمد سعداوي. في بلادنا مررنا بأزمات كبيرة لعل أكبرها الجفاف والمجاعة والتي كتب عنها وأرخها الكثيرون. جاءت بحلقة من مسلسل طاش ما طاش/ ناصر القصبي وعبد الله السدحان/. وكانت لي قصة قصيرة عن ذلك بعنوان (نوير وحكاية التمر). وأخيراً نحن في البيت، الكورونا فيما حولنا، البيت ليس أربع جدران بل عالم واسع عندما نعرف كيف نجعله كذلك، هل سنكتب أم ترانا سنعيد قراءاتنا. أم سيكون لنا في كل يوم شأن جديد. أستودعكم الله للخميس القادم.