تمضي الدولة قدمًا لخنق الفساد ومكافحته وتجفيف منابعه وتطهير مؤسسات الدولة كافة من الفاسدين بمختلف مستوياتهم الوظيفية، وتعزيز الثقة بالقطاع العام وتطهيره من الفاسدين الذين تسببوا في تعطيل التنمية والإضرار بالوطن والمواطنين، مستعينة بتوجيهات سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي شدد على مكافحة الفساد، والقضاء على فساد القيادات الوسطى والصغيرة، التي أعتقد أنها تشكل قاعدة الفساد، وشبكته المنظمة. الكشف عن توقيف 298 شخصاً تورطوا في قضايا فساد مالي وإداري تمثلت في جرائم الرشوة، واختلاس وتبديد المال العام، واستغلال النفوذ الوظيفي، وسوء الاستعمال الإداري، ويعود بعضها إلى 15 عاماً، بمبالغ إجمالية بلغت 379 مليون ريال، يؤكد أن قضايا الفساد لا تسقط بالتقادم، ولن يُعفى منها الخارجون من الوظيفة العامة، ولا أولئك الذين كانوا يعتقدون بحصانتهم ضد التبعات القانونية، ومنهم العاملون في سلك القضاء. لا حصانة لفاسد، شدد عليها ولي العهد، ووجه بها رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد حتى أصبحت عقيدة العاملين في الهيئة. فلا أحد فوق المساءلة والمحاسبة، بغض النظر عن سيادية الجهة التي يعمل بها. وضعت الدولة ضمن أهدافها الرئيسة استعادة المال العام الذي تم نهبه من قبل الفاسدين، فهو مال الدولة والمواطنين المستفيدين من خدماتها وإنفاقها، ومن الواجب استرداده، مهما تشعبت قضاياه المتراكمة أو دُفنت في أرشيف التاريخ. نشر ثقافة النزاهة وتنبيه العاملين في القطاع العام، من الأهداف الموازية الواجب تحقيقها. فما يحدث اليوم من ملاحقة للفاسدين الحاليين والمتقاعدين يجب أن يكون عبرة لجميع العاملين في القطاع العام، وبما يسهم في تعزيز النزاهة وتحويلها إلى ثقافة عامة. أجزم أن قاعدة هرم الفساد في القطاع العام والمكونة من القيادات الوسطى والصغيرة هي الأضخم والأكثر تعقيدًا وتقاطعًا، وتبديدًا للمال العام والأراضي الحكومية وإفسادًا للمشروعات الحكومية، ومن مسببات تردي مخرجات التنمية وضعف الخدمات برغم الإنفاق الحكومي السخي. جهود مباركة، وإصرار على اجتثاث الفساد بجميع أشكاله تقوم به الدولة ممثلة في هيئة الرقابة ومكافحة الفساد، وما أرجوه من الهيئة المضي قدمًا في التنقيب عن قضايا الفساد المرتبطة بالأراضي الحكومية والشواطئ المنهوبة، والمخالفات الصريحة التي يُغض الطرف عنها من بعض الجهات المعنية بها. استرداد الأراضي الحكومية في بعض المحافظات التي لم تصلها عمليات المكافحة بعد يجب أن تكون أولوية، للنقص الحاد في الأراضي الخدمية وأراضي الإسكان والحدائق العامة والشواطئ، وكي تعزز ثقة المواطنين بشمولية عمليات مكافحة الفساد لجميع محافظات ومدن المملكة.