حققت حملة مكافحة الفساد نتائجها بعد أن طالت الكثير من الشخصيات الكبيرة وتم من خلالها استرداد حوالى 400 مليار ريال من المتورطين من خلال التسوية ولكنها لم تنته عند هذا الحد فالحكومة عازمة كل العزم على محاربة هذا الداء من خلال الجهات الرقابية المتخصصة ولذلك تم التأكيد على هذا الأمر من خلال بيان الديوان الملكي الذي أعلن انتهاء مهام اللجنة العليا. وقال: إن محاربة الفساد أمر مهم دأبت المملكة على القيام به، وكانت حملة «الريتز» كما يطلق عليها هي أكبر حملة من نوعها في هذا الإطار، ولم تستثن هذه الحملة أحد بغض النظر عن المسميات أو المناصب ولذلك حقق الحملة النجاح الكبير الذي أعطى دروسا مختلفة سواء للمجتمع الداخلي أو المجتمع الخارجي بأن الحرب على الفساد أمر لا هوادة فيه وبأن الدولة ماضية في القضاء على هذا النوع من الفساد واجتثاثه من جذوره وأنه لا بقاء لأي من يحاول الإفساد صغيرًا كان أو كبيرًا، موظفا صغيرًا أو وزيرًا، كما أن الحملة تؤكد لمن يرغب في الاستثمار بأن البيئة مناسبة جدا، وليس هناك أي مجالات للعمل على محاولات التأثير على عمليات الاستثمار من خلال أوجه الفساد المختلفة.. فلا مكان لفاسد كائنًا من كان ولن ينجو أحد كائنًا من كان» عبارة صغيرة أطلقها سمو ولي العهد كبيرة في معانيها. كيف حاربت المملكة الفساد ؟ أعدت المملكة إستراتيجية وطنية لمكافحة الفساد، حيث أشارت الإستراتيجية إلى أن الفساد يعد ذا مفهوم مركب له أبعاد متعددة وتختلف تعريفاته باختلاف الزاوية التي ينظر من خلالها إليه. فيعد فسادا كل سلوك انتهك أياً من القواعد والضوابط التي يفرضها النظام كما يعد فساداً كل سلوك يهدد المصلحة العامة، وكذلك أي إساءة لاستخدام الوظيفة العامة لتحقيق مكاسب خاصة هذا في القانون الوضعي أما في الشريعة الإسلامية فالفساد كل ما هو ضد الصلاح قال تعالى: {ولاتفسدوا في الأرض بعد إصلاحها}(سورة الأعراف)(56) وقال تعالى: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعاً بصيراً}(سورة النساء)(58) وقال تعالى: {وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد} (سورة البقرة) (205). وظاهرة الفساد تشمل جرائم متعددة مثل: الرشوة والمتاجرة بالنفوذ، إساءة استعمال السلطة، الثراء غير المشروع، التلاعب بالمال العام واختلاسه أو تبديده أو إساءة استعماله، غسيل الأموال، الجرائم المحاسبية، التزوير، تزييف العملة، الغش التجاري...إلخ. وتشير تجارب الدول على اختلاف مستوى تنميتها الاقتصادية أو نظامها السياسي إلى أن الفساد لا يرتبط بنظام سياسي معين بل يظهر عندما تكون الظروف مواتية لظهوره. ويوجد بصور مختلفة ومتابينة في جميع النظم السياسية فالفساد يعد ظاهرة دولية وعامل قلق للمجتمع الدولي. وتعد ظاهرة الفساد ظاهرة مركبة تختلط فيها الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية ولذا تتعدد أسباب نشوئها ومن هذه الأسباب عدم اتساق الأنظمة ومتطلبات الحياة الاجتماعية وضعف الرقابة. وللفساد آثار سلبية متعددة أهمها التأثير السلبي على عملية التنمية فينحرف بأهدافها ويبدد الموارد والإمكانات ويسيء توجيهها ويعوق مسيرتها كما يضعف فاعلية وكفاية الأجهزة ويتسبب في خلق حالة من التذمر والقلق. إن حماية النزاهة ومكافحة الفساد تستلزم برامج إصلاح شاملة تحظى بدعم سياسي قوي وتكتسب مضموناً استراتيجيا يقوم على تشخيص المشكلة ومعالجة أسبابها وتعاون الأجهزة الحكومية ومشاركة المجتمع ومؤسساته وإرساء المبادئ والقيم الأخلاقية للإدارة والمجتمع وتعزيزها والاستفادة من الخبرات الدولية. وبما أن حماية النزاهة ومكافحة الفساد بجميع أشكاله من المبادئ الثابتة في الشريعة الإسلامية والأنظمة الدولية فإن المملكة العربية السعودية وهي تستمد أنظمتها من مبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية عنيت بحماية النزاهة والأمانة والتحذير من الفساد ومحاربته بكل صوره وأشكاله. ومن هذا المنطلق حرصت المملكة على مشاركة المجتمع الدولي اهتمامه في محاربة الفساد من خلال حرصها على عقد الاتفاقيات وحضور المؤتمرات والندوات وتعزيز التعاون الدولي في هذا الإطار. الوعي بخطر الفساد نشطت الجهات الرقابية في التعريف بمخاطر الفساد بشتى صورة وقامت بحملات توعوية مختلفه من أجل توعية الجميع بمخاطر من خلال تنمية الوازع الديني للحث على النزاهة ومحاربة الفساد عن طريق وسائل الإعلام المختلفة، وخطباء المساجد والعلماء والمؤسسات التعليمية وغيرها، وإعداد حملات توعية وطنية تحذر من وباء الفساد، والتأكيد على دور الأسرة في تربية النشء ودورها الأساسي في بناء مجتمع مسلم مناهض لأعمال الفساد، وحث المؤسسات التعليمية على وضع مفردات في مناهج التعليم العام والجامعي، والقيام بتنفيذ برامج توعية تثقيفية بصفة دورية عن حماية النزاهة والأمانة ومكافحة الفساد وإساءة الأمانة، وحث المواطن والمقيم على التعاون مع الجهات المعنية بمكافحة الفساد، والإبلاغ عن جرائم الفساد ومرتكبيها. كما تم وضع برامج توعية تثقيفية في مجال حماية النزاهة ومكافحة الفساد، في القطاعين العام والخاص. الشفافية والوضوح * حرصت المملكة على الشفافية والوضوح في هذا الإطار من خلال: * - التأكيد على مسؤولي الدولة بأن الوضوح وسيلة فاعلة للوقاية من الفساد. * اعتماد الوضوح كممارسة وتوجه أخلاقي يضفي على العمل الحكومي المصداقية والاحترام. * تسهيل الإجراءات الإدارية والتوعية بها، وإتاحتها للراغبين، وعدم اللجوء إلى السرية إلا فيما يتعلق بالمعلومات التي تمس السيادة والأمن الوطني. * توضيح إجراءات عقود مشتريات الحكومة والمؤسسات العامة والشركات المساهمة، وإعطاء الجمهور والمؤسسات المدنية ووسائل الإعلام حق الاطلاع عليها ونقدها. * كفالة حرية تدوال المعلومات عن شؤون الفساد بين عامة الجمهور ووسائل الإعلام. * مشاركة مؤسسات المجتمع المدني في حماية النزاهة ومكافحة الفساد. * إشراك هذه المؤسسات «حسب اختصاصها» في دراسة ظاهرة الفساد وإبداء ما لديها من مرئيات ومقترحات تمكن من الحد منه. * إشراك الهيئات المهنية والأكاديمية كالأطباء والمحامين والمهندسين والمحاسبين على إبداء مرئياتهم حول الأنظمة (الرقابية والمالية والإدارية). * إشراك الغرف التجارية والصناعية على إعداد خطط وبرامج لتوعية رجال الأعمال والتجار بمخاطر الفساد وأسبابه وآثاره، وإيضاح مرئياتهم حيال الأنظمة المالية والتجارية. * إشراك الجامعات والكليات والتعليم في مكافحة الفساد من خلال أندية نزاهة، والدراسات والبحوث. * حث موظفي الدولة في مختلف القطاعات في الإبلاغ عن الفساد مع الاحتفاظ بسرية المبلغين. أبرز الطرق الميدانية لمكافحة الفساد * تنظيم قاعدة معلومات وطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد تشتمل على جميع الوثائق النظامية والإدراية. * رصد المعلومات والبيانات والإحصاءات الدقيقة عن حجم المشكلة وتصنيفها وتحديد أنواعها وأسبابها وآثارها. * قيام الأجهزة الحكومية المعنية بحسب اختصاصها بإعداد إحصاءات وتقارير دورية عن مشكلة الفساد تتضمن بيان حجم المشكلة وأسبابها، والحلول المقترحة. * تحديد السلبيات والصعوبات التي تواجه تطبيق الأنظمة والإجراءت المتعلقة بحماية النزاهة ومكافحة الفساد. * دعم وإجراء الدراسات والبحوث المتعمقة بموضوع حماية النزاهة ومكافحة الفساد. * إتاحة المعلومات المتوافرة للراغبين في البحث والدراسة وحث الجهات الأكاديمية ومراكز البحوث المتخصصة على إجراء المزيد من الدراسات والبحوث في المجال نفسه. * رصد ما ينشر في وسائل الإعلام عن موضوع حماية النزاهة ومكافحة الفساد. * متابعة المستجدات في الموضوع على المستوى المحلي أو الدولي. * قيام الأجهزة الحكومية المعنية بحماية النزاهة ومكافحة الفساد بممارسة اختصاصاتها. * تزويد الأجهزة الضبطية، والرقابية، والتحقيقية، والقضائية، بالإمكانات المادية، والبشرية، والخبرات، والتدريب، والتقنية. * إعادة تنظيم الأجهزة المختصة بحماية النزاهة ومكافحة الفساد وهياكلها الإدارية وإجراءاتها. * قيام الأجهزة الحكومية المعنية - بحسب اختصاصها - بالمراجعة الدورية للأنظمة المتعلقة بمكافحة الفساد. * تحديد الصعوبات التي تظهر لها من خلال التطبيق والدراسة، وإبداء المقترحات لتذليل هذه الصعوبات. * تطوير هذه الأنظمة ورفعها للجهة المختصة للنظر فيها والاستفادة في ذلك مما يستجد. * تطوير وتقويم الأنظمة الرقابية والإدارية والمالية، لضمان وضوحها وسهولة تطبيقها وفعاليتها. * تقليص الإجراءات، وتسهيلها والتوعية بها، ووضعها في أماكن بارزة، حتى لا تؤدي إلى الاستثناءات غير النظامية. * قيام المسؤولين بالمراقبة والمتابعة؛ للتأكد من سلامة إجراءات العمل ومطابقتها للأنظمة. * اختيار المسؤولين في الإدارات التنفيذية التي لها علاقة بالجمهور من ذوي الكفايات والتعامل الحميد مع المراجعين. * التأكيد على مديري الإدارات بإنهاء إجراءات معاملات المواطنين ومراقبة الموظفين حتى لا يضعوا العقبات أمام تلك المعاملات. * عدم التمييز في التعامل وعدم النظر إلى المركز الوظيفي أو الاجتماعي للشخص. * العمل بمبدأ المساءلة لكل مسؤول مهما كان موقعه، وفقاً للأنظمة. * تعزيز جهود الأجهزة الضبطية المتعلقة بمكافحة الفساد. * الاستفادة من الوسائل العلمية الحديثة، ووسائل الاتصالات السريعة بين الجهات الحكومية المختصة. * ضمان وضوح التعليمات الخاصة بالرسوم والمستحقات والغرامات وتسديدها واستخدام التقنية في هذا الإطار. * *سد الثغرات التي تؤدي إلى ولوج الفساد إليها، بما في ذلك التسديد عن طريق البنوك. * سرعة البت في قضايا الفساد، والعمل بمبدأ التعويض لمن تضار حقوقهم ومصالحهم من جراء الفساد بعد ثبوت ذلك بحكم قضائي نهائي ونشرها بطلب من النيابة العامة وموافقة ناظر القضية. * إعطاء صلاحيات واسعة للجهات الرقابية والضبطية. * تجريم الرشوة واستغلال السلطة والمركز الوظيفي. * وجود أكثر من طريقة لاستقبال البلاغات بخصوص الفساد وبالذات من قبل هيئة مكافحة الفساد، المباحث الإدارية. * وجود أجهزة رقابية قوية منها ترتبط بالملك مباشرة وهي (هيئة مكافحة الفساد، هيئة الرقابة والتحقيق، ديوان المراقبة العامة، النيابة العامة). * وجود جهاز المباحث الإدارية برئاسة أمن الدولة. * التحول إلى العمل التقني في مختلف الجهات الحكومية والإسراع في تطبيق كافة التعاملات الإلكترونية للحد من أي اختراقات تؤدي إلى فساد. * إنشاء منصة اعتماد لنشر كافة المنافسات الحكومية للمزيد من الوضوح. * التوسع في طرق تلقي البلاغات حيال الفساد. * إجراء تعديلات على العديد من الأنظمة، واستحداث أنظمة أخرى للإسهام في الحد من الفساد.