لا تبخلن بنصح في وقته؛ لا يتجاوزن حاضرَ المقابِل، فما تبتغيه ويحتاج إليه أن لا تعُد لماضٍ أو تتعدى ما قد يقع فيه مستقبلًا إلا خيرًا وبلطف؛ بصِّرْه بالبديل النافع؛ حتى لو أفلحت بمعشار محاولاتك لإقناعه بالإقلاع عمَّا ارتكبه، وعُدَّ ما قدَّمت خدمة أو معروفًا أو إحسانًا دون أن تبح بدواعيه، لا تمنن عليه أو تنتظر منه المقابل أو المعاملة بالمثل. إذا تحدثت في محفل أو كتبت فأوجز؛ متى كان الإيجاز أولى، واستخدم لغة سلسة يعيها المستهدفون، وتتناغم مع اهتماماتهم، نوِّع بحسب ما يتطلب الموقف وما يرضي شغف عامة الناس، وبما استطعت من أدوات الإفهام؛ تَلَمَّس ما يطغى على الساحة؛ وما يفتِّق معارف النَّاس بطرائق التعامل فيما يخص شؤونهم وشجونهم؛ لا تدغدغ مشاعر من حولك؛ بما يجب أن يكون بمثالية مفرطة فيما لا يتوفر في ممارساتك، وما تخبره أنت عنك وما يخبره عنك من له علاقة ومعرفة بك: كي لا يصادف منك يومًا ما يسقط مكانتك من عينيه. ابتعد عن ما لا يجد فيه من حولك هدفًا واحدًا يعزَّزَ ولو نزرٍ من إيجابياتٍ لديهم، أو يعالج ما استعصى عليهم التخلص منه؛ لست منزهًا من الخطايا، ولن تجد جميع من يصغى إليك منزهين، لا يكفي أن يفتتنوا ببراعتك المسرحية في الخطابة، أو مهاراتك في الكتابة فيما المضمون كان فارغًا أو مكررًا أنفت منه مسامعهم ولفظه وجدانهم. ثق أن ما طربوا له وألهب مشاعرهم وأشعل حماسهم؛ لن يصمد سوى دقائق، ما تلبث أن تخبو؛ ولن تتجاوز المنبر الذي وقفت عليه، أو الوسيلة التي نشرته، أو شاهدوك من خلالها، وسيظل محفورًا بصورة إيجابيَّة في ألبابهم؛ ما كان نابعًا من القلب ويعيَه العقل؛ وستخلدك جملة قلتها أو كتبتها من مئات الجُمَل، وتظل حاضرة أمام ناظريهم كلما واكب ما دعوت إليه من مُثُل أو قيم ومعلومة نافعة، أو سلوك، شكَّلَت عبرة وعِظة، وخارطة طريق ومخارج حققوا منها ما يحمدوك عليه وإن سمعوها عبر إذاعة؛ تذكروا هيئتهم التي كانوا عليها، والمكان الذي تواجدوا فيه، وإن قرؤوها من كتاب أو عبر موقع ما؛ سيقترن بالصفحة واسم الكتاب وشكل أو لون غلافه، والأسطر التي قرأوا فيها تلك الجملة وقد انطبعت تلك المشاهد بألبابهم، سواء كان جميلًا ومفيدًا أو مُسْتقْبَحاً، فاحرص أن لا تقل أو تكتب إلا المفيد والنافع بلغة قريبة إلى مستويات من حولك؛ كي تزرع أثرًا يظل مقترنًا بك وبما أنتجت، ووقَرَ بقلوبهم وعقولهم. ** **