أقر مجلس الوزراء السعودي مؤخرًا لائحة الذوق العام التي تنظم الشكل المجتمعي العام من الخارج، وتحاول أن ترتقي بالطابع العام للمجتمع بطريقة لا تسبب تشوهًا بصريًّا أو سمعيًّا، يؤذي المواطن والمقيم أو الزائر. لم يتسنَّ لي الاطلاع على اللائحة كاملة، لكن كان من اللافت بالنسبة لي من خلال ما قرأت في مواقع التواصل شمول اللائحة عقوبات على الكتابة على الجدران. أسعدني ذلك جدًّا؛ لأنني لطالما كان يُشعرني بالغضب تارة، وبالحزن والأسى تارة، ما أراه من تشويه للمنظر العام في الشوارع بالكتابة على الجدران، واستغلالها بشكل مسيء ومزعج. وزادني غضبًا وتقززًا ما انتشر في وسائل التواصل الاجتماعي مما يسمى أدب الشوارع، وهو أن يقوم مجهول بكتابة جملة أدبية على جدار ما، ويأتي من يصورها، ثم ينشرها، ويحتفي بها من على الجدار. أنت وإن كنت تلتمس العذر لمن يقوم بعمل كهذا قبل عقد من الزمن أو أكثر فإنك اليوم لا تعذره، ولا تملك إلا أن تعترض على فعلته، وتعلن تقززك منها؛ فهذا الثائر الأدبي الذي يظن الجدار مناسبًا لجريمته يستطيع اليوم فعلها في مكانها الصحيح من خلال هاتفه المحمول، وليترك لنا جدران وطننا نظيفة وخالية من إبداعه. لا أشك في أن الأدب الراقي والكلمات المليئة بالمشاعر أقدس وأرقى من أن تُكتب بطريقة غير مناسبة، ويجب أن تُحفظ في مكان أكثر رقيًّا من قارعة الطريق. ** **