تعيش العائلة السعودية متوسطة الدخل، رب العائلة يحمل مؤهلاً متوسطًا أو عاليًا، الزوجة متوسطة التعليم، قد تكون معلمة، أو تعمل، وقد لا تعمل. الأبناء في مدارس حكومية. لدى العائلة عاملة منزلية وسائق، ويعيشون في منزل متوسط الحجم، يتناسب وحجم الأسرة. الأمور تسير وفق روتين سلس من حيث مشاوير الأسرة، معظمها تتعلق بالزوجة وتوصيل الأبناء للمدارس، وبقية التنقلات الأخرى، من زيارات عائلية ومناسبات ورحلات ترويحية، وذهاب وإياب لما يتعلق بالأولاد. وأعمال البيت مشتركة بين ربة البيت والعاملة المنزلية، وما أكثرها من أعمال. إلى هذا الحد الأمور تجري طبيعية، ولكن هب أن العاملة المنزلية أو السائق أوكليهما تركا العمل لأي سبب، فماذا يحدث لأسلوب حياة العائلة الروتيني الذي بدا سلسًا ومريحًا؟ بالطبع سيتغير الأسلوب، ويتعداه إلى العلاقة الأسرية بين أفراد العائلة: الزوجان، الأبناء. لن تكون الحياة سلسة كما كانت من أعمال المنزل، والنقل للمدارس والمشاوير المتعددة، التي لا تكاد تنتهي. هذا التغير أو التحول الذي يطرأ على الأسرة مرده إلى بيئة استُحدثت وفُرضت على غالبية الأسر السعودية: المدرسة بعيدة عن المنزل، بل إنها خارج الحي السكني.. النقل المدرسي له العديد من المشكلات، فإن لم يقوموا بتوصيل الأبناء إلى المدرسة ثم العودة بهم إلى المنزل فستضطر الأسرة إلى استقدام سائق، وسيقوم بمهمة النقل إلى المدرسة، ويناط به مهمات نقل (مشاوير) متعددة؛ فلا الأب ولا أحد من أفراد الأسرة يقوم بما يقوم به السائق. والمعاناة من عدم وجود عاملة منزلية وسائق تتلاشى عندما تسافر العائلة خارج البلاد؛ إذ تعيش العائلة بدون عاملة منزلية ولا سائق، وتسير الأمور بسلاسة، بوجود سيارة، أو عدم وجودها! إذن الانتقال من بيئة محدودة الخدمات إلى أخرى مخدومة يشكِّل فرقًا جوهريًّا للأسرة ولربها. وسائل النقل ذات كفاءة عالية، قد لا تقتصر قيادة السيارة على الزوج، ويمكن للزوجة أن تقود السيارة، وتساعد الزوج في القيام بمهمات متعددة، كان يتكفل بها الزوج. أضف إلى ذلك أن قيادة السيارة متعة، وليست معاناة، إذا ما قورنت بالقيادة في داخل البلاد. صحيح تتكبد العائلة مصاريف السفر، ولكنها تتكبد مصاريف كثيرة داخل الوطن، لماذا؟! ولِمَ المعاناة في الداخل والراحة في الخارج؟ ومتى نصل إلى مرحلة الاستغناء عن العمالة المنزلية: العاملة والسائق؟ ونريح بذلك ونستريح؟ متى يعتني أفراد الأسرة بأمورهم داخل المسكن وخارجه؟ عسى أن يكون ذلك قريبًا.