«سائق العمة» شخصية ليس لها قرار، يتحكم فقط في مقود السيارة منفذاً للتوجيهات التي يتلقاها من «العمة»، حتى وصل الأمر إلى ما يشبه المنافسة بين النساء من باب الترف والتباهي أمام الصديقات بوجود سائق خاص يفتح لها الباب ويحمل الحقائب والأغراض، كذلك بعمل التنظيف داخل المنزل وخارجه والقيام بإخراج الأسرة لنزهة ما وقضاء الاحتياجات الخاصة. وكثير من هؤلاء السائقين يتعرضون لساعات عمل شاقة ومتواصلة دون رحمة، ومنهم من ينتظر ساعات طويلة أمام قصور الأفراح والمجمعات التجارية، وفي أجواء حارة جداً، بل إن الكثير من»السائقين» فقدوا وظائفهم داخل المملكة بسبب تعامله مع «العمة»، وعدم احترامه للمواعيد، بالإضافة إلى عدم قدرته على التفنن في كسب رضا العمة من حيث «البرستيج» المطلوب الذي يجعلها تعيش على أنها «ملكة زمانها»!. طول انتظار وقال العامل مخلص من الجنسية الهندية تتدخل «العمة» أثناء قيادة السيارة بشكل غير مباشر وتجبرني أحيانا على التوقف في أماكن ممنوع الوقوف فيها ومخالفة لنظام المرور، ونتحمل المخالفات المرورية على حسابنا الخاص أحيانا وتارة تدفع «العمة» كرماً منها، مشيراً إلى أن الكفيل الأساسي له هي «العمة»، وقرارها ينفذ وأحاول دائما أن أعاملها ضمن البرستيج الذي تفضله أمام صديقاتها من حيث فتح باب السيارة لنزولها وحمل حقائبها، موضحاً أن المواعيد حدِّث ولا حرج، فأقف أمام المجمع التجاري لمدة تزيد على خمس ساعات أحياناً، وأما المعاناة الأساسية فهي مناسبات الزواج، حيث نقف لساعات طويلة تتجاوز ثماني ساعات، وننتظر «العمة» حين تقرر الخروج في الوقت الذي يناسبها. التهديد بالسفر وأضاف أعمل بمهنة سائق خاص للعائلة ولكن حقيقة أمارس جميع الأعمال، فلك أن تجدني سائقاً للعمة، ومرة خادماً أنظف داخل فناء المنزل، وأقلم النخل وأقوم بحراسة المنزل، وعلى كل هذه الأعمال من المؤسف بأنه ليس لنا احترام، بل يتم التعامل معنا بألفاظ ومسميات لا تطلق على الإنسان ناهيك عن التهديد بالسفر في حال تعذرعلينا القيام بأي عمل مناط، فالسواق بصفه عامة معاملته تكون قاسية وهذه من أهم الأسباب التي تجعلنا نفكر في عمليات الهرب وعدم العودة لمهنة «سائق خاص» فإذا لم يأتِ الأذى من الكفيل يأتي من الزوجة أو من احد أبنائه. «البخشيش» مطلب! أما العامل بشير والذي يعمل لدى كفيلته منذ 18 عاما يسوده الفرح والسرور في حال حدثنا عن تعامل عمته معه، قائلا: «عمتي تعطيني بخشيشاً في كل مشوار، وهذا غير راتبي مما جعلني متمسكاً بالعمل لديها حتى لو لحقني منها سب أو شتم أحيانا، مشيرا إلى أنها تعتمد علي في كل شؤون المنزل، موضحاً:»أعامل عمتي كأنها ملكة الكون، وبالفعل هي ملكة منزلها ومواعيدها دائما متقنة مما جعلني مرتاحاً في عملي معها». وأضاف السائق بشير من الجنسية الهندية أنا المسؤول الأول والأخير عن المنزل من حيث شراء الاحتياجات الخاصة به وتوصيل المدارس والجامعات وإيصال من يحتاج للمستشفى، وتسديد فواتير الخدمات وتصليح جميع الأعطال داخل المنزل، ويعتبر البيت وكأنه بيته، و»العمة» لم تبخل علي بشيء، ومن الطريف في موضوع بشير أن الأولاد تعلقوا به وطلباتهم جميعا توجه إليه وعليه الاستئذان من «العمة» فقط للذهاب بهم إلى السوبر ماركت أو محلات الترفيه والألعاب. سيدة تصعد إلى السيارة من داخل منزلها استعداداً للخروج مجهول الهوية أما محمد نور الدين « إندونيسي» الجنسية، يقول: أنا اعمل منذ سنة ونصف لدى أحدى موظفي القطاع الخاص، ولكنه لم يمنحني إقامة أو رخصة قيادة وسحب مني جواز السفر وجعلني مجهول الهوية وقيَّد تحركاتي مع أسرته خوفاً من هروبي، موضحاً نور الدين أن عمله لا يقتصر فقط على قيادة السيارة بل تنظيف حديقة المنزل وتعامل أبنائه معي بكل قسوة وتجبرني زوجته على فتح الباب وإغلاقه لها حتى ولو أوقف السيارة بطريق وقوف خاطئ وانزل وافتح لها الباب، ولو وقع حادث أكون أنا المسؤول والمذنب أمام الكفيل والجهات الرسمية، مؤكداً على ان هذا الأسلوب من التعامل جعل الكثير من السائقين يهربون! حفظ الأسرار بعض العمات يحاولن استفزاز السائقين بطريقة أو أخرى حتى يكتم السر ولا ينقل أي معلومة لدى الزوج حيث قال العامل «محمد سراج» إن مهنة السائق مهنة شبيهة بمهنة العسكري، يجب أن يحافظ على جميع الأسرار التي يشاهدها يوميا من «العمة» حفاظاً على بقائه. وتستقل العمالة الفترة الصباحية لزيادة دخلها اليومي إما بالعمل سائق أجرة على نفس سيارة كفيله أو إيقافها والعمل في مهنة أخرى إلى أن تأتي فترة الظهيرة عند خروج الطلاب من المدارس وخروج «العمة» أيضا من عملها،وهذا ما يقوله العامل «بشير» هندي الجنسية والذي يتقاضى راتباً لا يتجاوز 800 ريال، حيث إن العمل كسائق لا يسد الاحتياجات اليومية، ولكن نعمل مع بعض السيدات سائقين في الفترة الصباحية وذلك عن طريق أبناء جلدتنا. « مهنة المتاعب» والكثير من السيدات «العمات» يحاولن تشغيل السائق لتوصيلهن للسوق، ومن ثم جلب صديقاتهن أحيانا لقضاء أفضل الأوقات في المجمعات التجارية، والسائق عليه الانتظار في الخارج وسط الحر والرطوبة، حيث قال السائق حمزة (فلبيني الجنسية) هذه أول سنة أعمل في السعودية، ولكن وجدت الكثير من المتاعب في عملي، وليس من الكفيل فهو رجل كبير في السن ويحبني حيث اعتني به وأوصله إلى المستشفى واهتم بشؤونه الخاصة، ولكن زوجته وبناتها لا يتوقفن عن السوق والتسوق يوماً واحداً، وبحكم أن السيارة صغيرة لابد علي من سائق ينتظر (عمته) دون أن يفارق السيارة إيصالهم للمجمع التجاري والذهاب لصديقاتهن وأخذهن لنفس السوق، وفي العودة تكون نفس المعاناة دون الاكتراث بأنه يلزمني وقت للراحة أو يكون لديهم رحمة في تقديم أكل أو شرب وعلى كل هذا فهم لا ينادونني بأسمى بل يا غبي حتى أصبحت غبياً فعلاً!.