كُنت على سفرٍ برفقةِ اثنين مِن الأصدقاء أحدهما روائي، حين جاء اتصال لصديقي الآخر من رئيس أحد الأندية الأدبية طالبًا منه أن يُسعفه باسم أحد الأدباء أو المثقفين ليشارك في إحياء عدد من الفعاليات الثقافية التي كان النادي يزمع إقامتها آنذاك. فاقترح صديقي على الفور اسم الروائي الذي كان يشاركنا السفر، ولكن رئيس النادي لم يعرفه، فتلكأ في القبول به قبل أن يرد عليه صديقي الذي كان يحادثه بالمثل الشعبي الشهير وبلهجة ساخرة: «طرار وتتشرط..؟». فوافق رئيس النادي الأدبي على مضض. إن كل خُطط بناء الثقافة التي تتبعها الأندية الأدبية ستبوء بفشلٍ ذريع طالما أنهم يعتمدون على «تكرار» الأسماء، وينأون بأنفسهم عن الأدباء الشبان، بينما من المفترض أن لكل جيل حالة ثقافية جديدة ونسقا جديدا مهيمنا، ويفترض أن لا تُغفل هذه الأندية في خططها المكون الرئيسي لأدب هذه المرحلة وأنساقها الثقافية. ثُم إن التكرار اللانهائي لذات الأسماء قد يُسبب نوعًا مِن «الحموضة» الثقافية لدى المتلقين، فليس من المعقول أبدًا أن يفتح المرء التلفاز فيشاهد حوارًا مع «فُلان» ثم يقرأ مقاله في إحدى الصحف صباحًا وإلى جانب عموده الطويل حوار صحافي معه أيضاً، ثُم يُكمل «النادي» الأدبي ما ينقص المشهد الرتيب ويدعو المتلقي المسكين الذي أصيب بالغثيان الثقافي ليحضر محاضرة هذا ال «فُلان» وكأن ليس في هذا البلد إلا هذا الولد..! ** **