يصاب المرء بالذهول وهو يتابع اختيارات الأندية للاعبين المحليين أو الأجانب على حد سواء، ثمة صفقات تُعقد وتستنزف الكثير من المال في أندية شحيحة الموارد، لا تكف عن الشكوى وطلب العون، ثم يكتشف الجميع فشلها، وأنها مجرد مقالب باردة شربتها الأندية دون أن يكون لها القدرة على استعادة شيء من حقوقها.. ويا ترى هل تستفيد من هذه الدروس ؟ للأسف فقد أخبرتنا ثلاثة عقود من الاحتراف أن الأندية تسير على نفس الخط، وأنها تكرر أخطاءها، ولا تستفيد من نصائح المتابعين والمتخصصين والمشجعين. مؤسف أن أندية تبحث عن ألقاب ضائعة وأمجاد غابرة وفي منافسات متعددة، ما تزال تكرر أخطاءها، وتدور في نفس الدائرة، رغم كل المواقف والدروس التي مرت بها خلال سنوات البحث الطوال!! من المعيب أن تجد أندية لديها ما لديها من الخبرات والخبراء والمتخصصين والمتابعين تقع ضحية لخيارات أو آراء تضر أكثر من ما تنفع، وتكشف كيف تدار منظومة العمل، وأنها بعيدة تماماً عن الاحترافية ووضع الأمور في مواضعها الصحيحة المناسبة. ناد مثل الهلال ظل طوال سنوات يبحث عن اللقب الآسيوي، وفي كل مرة يخرج يؤكد الجميع أن علته غالباً في غياب اللاعب الهداف القادر على صناعة الفارق، وعندما يعود الهلاليون بذاكرتهم إلى البطولات القارية التي حققها فريقهم سيجدون أن جلها تحقق بمساهمة محترفين أجانب مثل سيرجيو والكاتو وأدميلسون، وكانت إدارات النادي في ذلك الوقت تعرف كيف تختار اللاعب المميز وتجِدُ في ذلك، رغم وفرة النجوم المحليين وفي مقدمتهم الثنيان والتمياط والجابر. في السنوات الأخيرة جانب الهلاليون التوفيق في خياراتهم الأجنبية الهجومية، يبرز هنا الميدا وليو وأخيراً بريتوس الذي قدم في لقاء العين الأخير مردوداً ضعيفاً للغاية، ولم تنبئ تحركاته ولمساته عن مهاجم يمكن أن يُعَولَ عليه، وخرج في النهاية مصاباً إثر لقطة (أكروباتية) لم تمر على المتابعين مرور الكرام!! واليوم وقد بقي على فترة التسجيل الصيفية (19) يوماً تقريباً حري بالهلاليين أن يُحكِموا المنطق وأن يتصرفوا لما فيه مصلحة فريقهم، فلئن فات الفوت في القائمة الآسيوية، فلا أقل من تدارك الأمر في الاستحقاقات الأخرى، حتى لا يجدوا فريقهم مضطراً للعب بنصف العدد المتاح من اللاعبين الأجانب، في وقت استغل فيه المنافسون الفرصة كما يجب من الناحية العددية على الأقل. مشكلة بعض الأندية في تعاقداتها أنها تبحث عن اللاعب الجيد مرتفع الثمن، وترى أن اللاعب (رخيص العقد) لن يكون غالياً من الناحية الفنية، ولن يرضي غرور المدرج، وهذا أمر يجانبه الصواب كما كشفت الكثير من المواقف!! ومشكلة بعض الأندية أنها تسلم أمرها للسماسرة، ومعظم هؤلاء همه المال أولا وثانياً وعاشراً، وهو يبحث بالتأكيد عن ما يعزز أرباحه، لذا يحاول تمرير سلعته على الأندية بطريقة أو بأخرى، وكم سمعنا من روايات رؤساء أندية أن سمساراً قد عرض عليهم لاعباً أجنبياً بمليون وعرضه على نادٍ آخر بعشرة أضعافها!! ومشكلة بعض الأندية أنها تسلم خيط التعاقدات ومخيطها للمدرب فيفصل فيه كما يشاء، ودون أن تسأله الإدارة لماذا، فتضطر لدفع مبالغ تكتشف في الغالب أنها لمجرد مقلب لا أقل ولا أكثر، وهنا لا أُطالب بالتدخل في الأمور الفنية.. ولكن بالمناقشة وإبداء الرأي وتقديم المشورة. الأندية مطالبة بتغيير سياساتها ونظرتها في التعاقدات الأجنبية وخياراتها وطريقة التعاقد معها، خاصة بعد تغير مستوى الإيراد والصرف وزيادة عدد اللاعبين الأجانب، فالأسلوب القديم لن يجدي ولن ينفع، والتجارب تكرر نفسها موسماً بعد آخر، والسعيد من اتعظ من تجربته قبل غيره في هذا المجال. (بعض اللاعبين الأجانب تشعر للوهلة الأولى أنه يمارس كرة القدم لأول مرة).