بعد أن أوضح معالي وزير العمل أسباب ارتفاع البطالة التي أعلنت من هيئة الإحصاء قبل حوالي أسبوعين فاجأنا وكيل وزارة العمل للسياسات العمالية بتوضيح قاله في ورشة عقدت في الغرفة التجارية بجدة, حيث قال حسب ما نقلت عنه وسائل الإعلام «إنه لا يوجد ارتفاع بالبطالة بالمملكة إنما تباطؤ بالتوظيف» مبيناً أن السبب هو التغيرات الاقتصادية والتي لم يختلف فيها مع ما قاله الوزير حول توقف العمل ببعض المشاريع أو ما يمكن وصفه تراجع الإنفاق الحكومي على المشاريع الجديدة بصفة عامة. لكن الملفت هو التناقض بين التصريحين لأكبر مسؤولي وزارة العمل وبفارق أيام قليلة بينهم فبدايةً معدل البطالة الذي أعلن عنه كان 12.1 % وهو أعلى من سابقه عند 11.6 % حتى بالأرقام فإن العاطلين وصل عددهم إلى 693.8 ألفاً وهو أعلى من القراءة السابقة بحوالي 47 ألفاً, فكل هذه الأرقام تشير إلى ارتفاع بالبطالة, فماذا كان يقصد وكيل الوزارة بحديثه إنها لم ترتفع! وهو ما يحتاج إلى توضيح منه فقد يكون النقل غير دقيق أو لم يشرح رأيه بوضوح وهو ما ننتظره منه لإن عدم توضيحه لما قاله أو ما نسب إليه يضع علامات استفهام كبيرة حول قرارات وزارة العمل بمعالجة البطالة إذا كان هناك أكثر من نظرة لمسؤوليها عن النسب وتفسيرها, فوزير العمل كان واضحاً بحديثه أن البطالة ارتفعت والأرقام خير شاهد على ذلك فكيف يناقض الوكيل كل هذه الوقائع بتصريحه حول البطالة غير المفهوم؟ لكن ما يجب النظر له بنهاية المطاف أن البطالة مرتفعة بالمملكة لمستويات قياسية ولا يوجد مبرر لذلك منطقياً والقول إن ضعف النشاط الاقتصادي حالياً سبب البطالة, وإن الفترة الحالية تشهد دخول طالبي عمل جدد من خريجي الجامعات ليس مبرراً كافياً لارتفاع نسبة البطالة لهذه المستويات المخيفة عند 12,1 %, فالسبب بالتأكيد ليس واحداً لكن أحد أهم وأكبر الأسباب هو عدد التأشيرات التي أصدرتها وزارة العمل لاستقدام العمالة للقطاع الخاص بحجم ضخم جداً, فالإحصاءات الرسمية التي تعلن بالكتاب السنوي لوزارة العمل تشير أن عدد التاشيرات التي صدرت منذ العام 2010 إلى نهاية العام 2015 م بلغ قرابة «ثمانية ملايين تأشيرة عمل» وهي لا تشمل «العمالة المنزلية» وكذلك العمالة المؤقتة فإذا كان خمسة بالمئة من الوظائف التي ذهب لتلك العمالة يمكن للمواطنين المنافسة عليها فهذا يعني توظيف حوالي 400 ألف مواطن وهذا تلقائياً سيخفض نسبة البطالة لقرابة 5 % على أبعد تقدير ولو ضاعفنا الرقم فهذا يعني بطالة صفرية. إذا كان جل ما أنتجه الاقتصاد وظائف محدودة الدخل والمتطلبات خلال العشر سنوات الماضية كسبب لارتفاع البطالة وكذلك عدم تسارع خطوات جهات اقتصادية أخرى بتحفيز قطاعات ونشاطات إنتاجية لتوليد فرص العمل كوزارات التجارة والصناعة والاتصالات وغيرها, فإن وزارة العمل أيضاً كان لتوسعها بإصدار التأشيرات بهذه الأرقام الضخمة الدور الكبير, أحد أكبر الأسباب باستمرار نسب البطالة مرتفعة وهو ما يجب أن تعالجه وزارة العمل لإيقاف هذا الاختلال بالسوق وإضعاف تنافسية الشباب والشابات السعوديين بسوق العمل. تناقض تصريح وكيل وزارة العمل مع الوزير كان حدثاً ملفتاً ما زلنا بانتظار إيضاح هذا اللبس والتناقض وفهم مقصد سعادة الوكيل لأنه ذكّرنا بمقولة لمسؤول عربي سألوه عن سبب ارتفاع البطالة ببلده فقال : لا يوجد لدينا بطالة بل هناك فائض عمالة!!.