تمتلك وسائل التواصل الاجتماعي، قدرة هائلة على نقل المحتوى، كلمة وصورة، ومقاطع فيديو، بسهولة، وسرعة فائقتين، لما تمتلكه من المقومات الاتصالية التي تتيحها شبكة الإنترنت عالمياً، وفي مقدمة هذه المقومات: حركية الانتقال الإلكتروني، وسمة الهدوء، إضافة إلى الإتاحية في الاستخدام، وشيوع التطبيقات، وانتشار وسائل الاتصال بمختلف وسائطها بين مختلف شرائح المجتمعات، في ظل عولمة هذه الوسائل. وقد كشفت نتائج إحدى الدراسات الصادرة حديثاً 2016م عن 6 آلاف حساب في تويتر، موجهة لزرع الفتنة والإحباط داخل المجتمع السعودي، و4 آلاف حساب آخر، تقوم بإعادة نشر تغريدات تلك الحسابات، فيما تم رصد حسابات تقوم بطريقة (ممنهجة) بنشر 90 تغريدة مسيئة للملكة في الدقيقة الواحدة، بما يصل إلى 130 ألف تغريدة مسيئة يومياً. وإلى جانب التحريض الطائفي، عبر الحسابات الوهمية، يردفها (مدرعمون) جعلوا من العنصرية القبلية وجهاً لفضائهم الإلكتروني، بينما جعلوا من التعصب الرياضي، الوجه الآخر لحساباتهم في شبكات التواصل الاجتماعي، الأمر الذي جعل من تلك الحسابات الوهمية، وبمئات الآلاف من المتابعين الوهميين، تتحول إلى منصات للطائفية، والعنصرية، والتعصب الرياضي، ونشر الشائعات بمختلف الاتجاهات، وعلى مختلف المستويات: الفردي، والاجتماعي، والوطني. كما أن «الشائعة» ظلت ولا تزال الوسيلة الأرخص، والنفاثة - أيضاً - لتحقيق مكاسب مختلفة، تبدأ بالأفراد، وتنتهي بجهات، ودول، تنفذها أجندة لخدمة إيديولوجيات موجهة، إذ لم يأت «اليوم العالمي لمكافحة الإشاعات» إلا نتيجة لما أصبحت تمثله «الشائعة» من خطورة كبيرة، لكونها موجة عالمية اجتاحت «الغرفة الكونية» التي كون بناءها، وشكله، عولمة وسائل الإعلام، والاتصال، إذ تزداد الشائعة انتشاراً، كلما غابت المعلومة (الصحيحة) التي تبحث عنها الجماهير، خصوصاً في ظل الأزمات، مما يزيد من قدرة الشائعات على التأثير في الرأي العام. وإذا كانت المعلومة تفقد 70% من تفاصيلها الدقيقة والهامة - أيضاً - لدى تداولها مشافهة بشكل تراتبي بين أقل من عشرة أشخاص، خلال فترة قصيرة قد لا تتجاوز غالباً اليوم، كما تشير إليه إحدى الدراسات، فقد أورد أحد استطلاعات الرأي على شبكة الإنترنت أن 80% من مصادر ترويج الإشاعات كانت عن طريق «واتس آب» الأمر الذي يؤكد حجم انتشار الشائعات في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي مقارنة بهذه النسبة عبر تطبيقي شبكي اجتماعي واحد. كما جاء في دراسة استطلاعية أجراها مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، ممثلاً في «وحدة استطلاعات الرأي العام» حول (واقع الشائعات في المجتمع السعودي) لعينة بحثية 1049 فرداً، منهم 740 من الذكور و 309 نساء, حيث أكد ما نسبتهم 82.9% على أن الشائعة تسهم في التأثير على الرأي العام، فيما رأى 69.2% أن الشائعات واسعة الانتشار بين أفراد المجتمع، في حين يؤكد نحو 23.1% منهم أنها متوسطة الانتشار، ونحو 7.7% يرون أن انتشار الإشاعات بين أوساط المجتمع قليلة، فيما بلغت نسبة التأكد من المعلومة 50% قبل تداولها. لقد أثبتت الإحصاءات التي بحثت جوانب مختلفة، من الظواهر السلبية، التي كشفت نتائجها عن الحاجة الملحة يوماً بعد آخر، إلى التصدي لهذه الظواهر التي لا تزال تبث سمومها المختلفة على مدار الساعة، مما يستدعي عملاً مؤسسياً جاداً، يقوم على التصدي لمد ثقافة الكراهية والعنصرية والطائفية، ويبدد مدها الإلكتروني، ويجعل من توفر المعلومة الصحيحة أولى خطوات مواجهة ثقافة الوهم، للكشف عن أقنعة أجندتها، وأيديولوجياتها المختلفة.