من بين العشرات من القرارات الملكية التي صدرت قبل يومين, والتي أعادت فيها القيادة هيكلة الحكومة المقبلة والتي من شأنها أن تساهم في تحقيق الرؤية الوطنية وتحولاتها خلال الخمسة عشر عاماً المقبلة, صدر الأمر الملكي باستحداث الهيئة العامة للثقافة والتي من المقرر أن يرأس مجلس إدارتها وزير الثقافة والإعلام, ولم يسم رئيسها حتى كتابة هذه المادة. لقد كان إنشاء هيئة عامة للثقافة واحداً من الأحلام الثقافية عند المهتمين والمتعاطين للشأن الثقافي في المملكة والذي من شأنه أن يساهم في استقلالية العمل الثقافي أو يفترض به ذلك على الأقل, وقد ظل هذا الحلم مطلباً لسنوات في نقاشات المثقفين داخل أروقة الأندية الأدبية أو خارجها عبر المقالات في الصحف أو عبر الحوار في مؤتمرات الأدباء وملتقيات المثقفين السعوديين. لقد مرت الثقافة في المملكة عبر السنوات بمراحل من الترتيبات والهيكلة داخل إطار الحكومة, فمنذ أن كانت الأندية الأدبية والتي كانت الممثل الرسمي للثقافة في البلاد تابعة للرئاسة العامة لرعاية الشباب في عهد الأمير الراحل فيصل بن فهد بن عبد العزيز والتي عاشت فيها الثقافة مرحلة وعي مبكر بالممارسات الانتخابية لمجالس إدارات الأندية قبل أن تنتقل إلى المرحلة الثانية وهي مرحلة التعيين بعد دمجها مع وزارة الإعلام لتصبح تحت مسمى واحد هو وزارة الثقافة والإعلام, لتنطلق الأقلام والكتابات المنتقدة لهذا الدمج والتي كانت ترى أنه من اللازم أن تفصل الثقافة عن الإعلام لأن الدمج سيكون قيداً على الثقافة من أن تنطلق في فضاءاتها الحرة والمسؤولة مثل كل دول العالم التي ترى في مجالس الثقافة وهيئاتها الطريق السليم والسوي لممارسة ثقافية واعية. قوبل خبر استحداث هيئة عامة للثقافة بالعديد من ردود الفعل المتفائلة والمتسائلة عن التفاصيل, وقد جاء أغلبها عبر وسم الهيئة العامة للثقافة في تويتر, حيث طالب عضو نادي الطائف الأدبي الدكتور أحمد الهلالي الهيئة بأن تساهم في رسم إستراتيجية ثقافية حقيقية تؤثر عميقاً في وجدان المجتمع وتنقل الصورة الحقيقية لثقافتنا إلى العالم, فيما تمنى الروائي محمد عزيز العرفج على الهيئة الثقة بالمفكر والأديب السعودي, وترجمة أعماله إلى اللغات الأخرى, وتصدير ثقافتنا للعالم. وكواحد من المطالب التي لطالما ترددت حين يستجد حديث جديد حول هيئة عامة للثقافة طالب الكاتب عواض شاهر العصيمي بأن تلتفت الهيئة لمتابعة ملف رابطة الأدباء وأن تعمل على تحقيقه, وأن تعمل على إحياء جائزة الدولة التقديرية, أما عضو مجلس أدبي تبوك عبد الرحمن الحربي فقد طلب طلباً واحداً عبر هذا الوسم وهو أن تكون الهيئة مستقلة.