بعد أن أقدم شاب عنصري أبيض على قتل تسعة من السود، في كنيسة تاريخية، بمدينة تشارلستون، بولاية ساوث كارولينا، عادت بي الذاكرة إلى قيام مجرم دانماركي عنصري بقتل عدد كبير من مواطنية، قبل عدة سنوات، وفي كلا الحالين، عجز الإعلام الغربي أن يطلق وصف «إرهابي» على أي منهما، اذ تدور اللغة وتلف، وتراوغ، وترقى وتصعد، ولكنها تتمحور حول العمل الشنيع، لا العمل الإرهابي، وحول جنون الشخص الذي ارتكب الجريمة، واضطراب شخصيته، ولكنه أبدا ليس بإرهابي، فهل يحق لنا بأن نقول بإن كلمة «إرهابي» هي حصرا للعرب والمسلمين دون غيرهم؟!!، فقد تابعت التغطيات الغربية الواسعة لكلا الحادثين، ويتوقف المتابع عند انتقاء الإعلام الغربي لكلماته بعناية، حسب هوية الشخص الذي قام بالعمل، فهم يقفزون فورا إلى القول بإرهابية العمل، عندما يكون صادرا من عرب ومسلمين، ولكنهم يتحفظون كثيرا، عندما يكون الأمر خلاف ذلك!!. حسنا، الشاب العنصري ديلان روف دخل كنيسة تعج بالمصلين، ثم افرغ رصاصات سلاحه في أجسادهم، واستطاع أن يعيد تعبئة سلاحه خمس مرات خلال قتله لتسعة أشخاص، ومع ذلك فهو ليس إرهابيا، وهذه العملية ليست إرهابية!!، فما هو الإرهاب اذن يا قوم؟!!، وماذا كان يتوجب على هذا العنصري أن يفعل ليصبح إرهابيا ؟!!، والطريف في الأمر أن قوات الشرطة التي اعتقلته، تعاملت معه بكل رقة، وقد عجت وسائل التواصل الأمريكية بالسخرية، إذ عرضت صورا تقارن بين الاعتقال «اللين» لهذا الشاب الأبيض، الذي أقدم للتو على قتل تسعة أشخاص، وبين مهاجمة شرطة مدينة نيويورك لشخص أسود بعنف، وخنقه حتى الموت، وكانت جريمته هي ترويج كمية بسيطة من المخدرات!!، ولك أن تتخيل ماذا كان سيجري، وماذا كانت وسائل الإعلام لتقول، لو أن عربيا أو مسلما هو الذي هاجم الكنيسة، وفي تقديري أن دوائر صنع القرار الغربية لا ترغب في إطلاق صفة «الإرهاب» على أي عمل مرتبط بغير العرب والمسلمين، ووسائل الإعلام الغربية تدرك ذلك جيدا، والتفصيل في ذلك، وبيان أسبابه ربما يحتاج لمقال مستقل. الجريمة التي ارتكبت في ولاية ساوث كارولينا إرهابية، والعنصري ديلان روف إرهابي مجرم، حتى ولو قيل غير ذلك، ولنا الحق في أن نطلق الأوصاف الملائمة للحادثة، ولا يفترض أن نكون صدى للإعلام الغربي، وللأسف فإن إعلامنا العربي ليس سوى صدى لما يقرره الإعلام الغربي، فإن قال ذلك الإعلام إن أعمالنا، نحن العرب والمسلمين، إرهابية، قال إعلامنا العربي نعم هي كذلك، وإن وصف عملا إرهابيا بأمريكا بأنه نتيجة لجنون فاعله وحسب، قال إعلامنا هو كذلك!!، إذ يجب أن تكون لنا رؤيتنا، المبنية على الحقائق المجردة، فليست كل أعمالنا إرهابية، وليست كل أعمالهم برئية، فالله المستعان!!.