«خذ مكانك».. هذه هي الجملة التي تنطلق إلى مسامع المتنافسين قبل إصدار صافرة الانطلاقة لبدء السباق. يعيش الرياضي ويتعايش مع تلك اللحظات التي تسبق سعيه الحثيث لتحقيق ذلك الحلم الذي جند وقته وجسده له.. ويشاركه في ذلك جميع الأفراد العاملين معه في الأجهزة الإدارية والفنية والطبية وغيرها. مشاعر متباينة في شكلها ومضمونها.. صراع بين دوافع وموانع.. محفزات ومثبطات.. تحكمها رغبة وأمنية وثقة. لست هنا للقيام بذات الدور الذي يقوم به اللاعب أو تجسيده أمامكم.. بل لأكون في موقع قريب منهم وسأجعلكم معي في ذات الموقع.. حيث سنتواجد معاً في المسار الافتراضي اللصيق لهم.. سنجري أنا وأنتم في المسار رقم (9).. وهو أكثر الأماكن قرباً لميدان المنافسة.. بل هو جزء غير محسوس من ذلك الميدان. وحين نقترب منهم أكثر فإننا سنفهمهم أكثر. ومن هذا المنطلق فإن فلسفة وفكرة هذا العمود هو المسار الافتراضي الذي استحدثته مجازا لنكون أكثر قربا من المنافسة وأجوائها الواقعية.. مسار سيجعل المتابعة أكثر دقة وواقعية وصراحة. سنتوازى معهم في المسارات إلا أننا لن نتوج كما يتوجون.. ولن نحتكم لنفس القوانين والضوابط الفنية.. لكن هذا لا يلغي أن لنا تتويجا وأنظمة أخرى. وقبل اختياري لاسم المقال الخاص بي وبكم.. كنت أكثر حرصاً على اختيار المنصة الإعلامية التي أحمل لها الكثير من الود والاحترام منذ الصغر.. اختياري للكتابة في صحيفة الجزيرة كان دافعه الأول هو القيمة المعنوية لهذه المؤسسة الإعلامية الرائدة مع كامل احترامي لقريناتها من مؤسساتنا الصحفية الوطنية الغالية على قلوبنا.. ولعل أبرز دوافعي لكتابة ما يجول بخاطري من أفكار وتساؤلات وهموم ومقترحات ونقد للواقع هو سعيي الحثيث أن أكون أحد معاول التغيير الذي ينشده الجميع يوماً بعد يوم نحو التطور في الأداء والفكر الرياضي.. فالعالم من حولنا يتغير ويتسارع في تطوره.. ونحن جزء من هذا العالم فإن لم نماثله في هذا التغيير الإيجابي والتطور نحو الأفضل فإنا «حتماً» سنجد أنفسنا وقد تجاوزتنا الدول والمنظمات الرياضية حول العالم. وسأحاول بين فينة وأخرى أن أخصص بعض المقالات لتناول عدد من المفاهيم العلمية للإدارة الرياضية والتخطيط الاستراتيجي في المنظمات الرياضية، فهو الموضوع الذي قمت -مؤخراً- بالبحث فيه والاهتمام به، وكان أبرز ما حرصت عليه في هذا المجال هو أن تكون رسالتي لدرجة الماجستير بعنوان ((التخطيط الاستراتيجي في المنظمات الرياضية السعودية)).. وقد كان هذا البحث وما صاحبه من متابعة واهتمام سبباً -بعد الله- في توجيه نظرتي نحو زوايا رياضية عدة بشكل أكثر اتساعا وشمولية. أدرك حين طرح أي موضوع رياضي بأننا قد لا نختلف كثيراً حول عدم الرضا العام على مخرجات رياضتنا.. وصياغة أنظمتها.. وتراجع نتائجها.. والتجاوزات في ممارسات بعض المنتمين لها. إلا أني وفي ذات الوقت ومعي الكثير نتفق على أن الرياضة السعودية تتجه حالياً نحو المثالية والاحترافية.. لاسيما وأن أصحاب القرار في المجال الرياضي شرعوا -مؤخراً- في تسوية وتمهيد الطريق للكثير من المشروعات الرياضية التنموية.. وتسارعت التحركات باتجاه إعادة صياغة الحركة الرياضية بشكل علمي وعملي أكثر موضوعية. وعلى الرغم من التفاؤل الذي يتعايش معي إلا أنني أجد أن الوسط الرياضي بحاجة إلى المزيد والمزيد من العمل التنموي..بالإضافة إلى تنظيف هذا الوسط من كل فاسد ومفسد! وقبل الختام.. أعتذر لكم على الإطالة.. لكني وجدت نفسي مجبراً على الإشارة إلى تلك المقدمة، خصوصاً في أولى المقالات في هذا العمود.. وسأكتفي هنا بهذا القدر من التقديم. ليلة تكريم الرياضة والرياضيين إن من دواعي سروري.. هو أن انطلاقة هذا العمود جاءت تزامناً مع عرسنا الرياضي الوطني الكبير.. حيث يلتقي الوالد بأبنائه.. القائد بأفراده.. الملك بأشقائه المواطنين.. في ليلة رياضية تحتضنها العروس.. وينعم بها كل منتمٍ للوسط الرياضي.. المشجع قبل المسئول.. واللاعب قبل الرئيس.. الصغير قبل الكبير.. فهنيئاً لنا هذا الاهتمام.. وهنيئاً للرياضة هذا التكريم.. وهنيئاً لجدة هذا السمو. ألتقيكم مجدداً -بحول الله وقوته- في القريب العاجل لنبدأ معاً رحلة الجري في مسارنا. اللهم اجعل ما نكتبه في دنياناً شاهداً لنا لا علينا. دمتم أحبة.. تقربكم الرياضة.. ويجمعكم وطن. بدر السعيّد - مختص بالتخطيط الاستراتيجي للمنظمات الرياضية