في عام 1426ه 2005م وصلت البرمجة اللغوية العصبية NLP إلى أوج انتشارها، وكان التدريب على هذا الفن من قبل مراكز التدريب واسعاً ومُتاحاً للرجال والسيدات غير أنها ما لبثت أن تراجعت لعدة أسباب لعل من أهمها تلك الصورة المغلوطة التي ترسخت لدى البعض عن البرمجة وهذا ما دفع بعض مراكز التدريب في ذلك الوقت لتقديم البرمجة تحت مسمى تدريبي آخر للاستفادة من الطلب المستمر عليها، مع التأكيد أن البرمجة لا تحمل في مضمونها ما يُعارض الدين أو يخدش الحياء وبالتالي لا يوجد مبرر لهذا التحفظ. البرمجة اللغوية العصبية NLP هي فن من فنون المهارات السلوكية تحمل الكثير من التقنيات والأدوات والأساليب والمهارات الهادفة إلى تطوير قدرات الفرد، وهذه الأدوات والتقنيات تُحقق عدد من النتائج أستطيع أن أحصرها في نقطتين أساسيتين وهما: إما دعم سلوك إيجابي والمحافظة عليه وتنميته وتطويره، أو تقويم سلوك سلبي وتغييره وتعديل مساره، والذي يوافقني عليه الكثير من الدارسين للبرمجة والمتعمقين بها أن تقنياتها أثبتت بالدليل والممارسة والتطبيق فاعليتها ومدى جدواها في حل العديد من المشاكل والحالات السلوكية، وعلى الرغم من مناهضة بعض رجال الدين والأخصائيين النفسيين للبرمجة والذين لم يتعرّفوا على حقيقتها وإنما اكتفوا بالمعلومات المغلوطة التي وصلتهم عنها إلاّ أن الكثير منهم بالمقابل سعى لدراسة البرمجة والحصول على اعتماد التدريب عليها واكتشفوا مدى فائدتها في تحقيق كثير من النتائج، ويكفي أن أُشير هنا إلى أن نماذج كثيرة من رجال ونساء شباب وشابات كانوا سلبيين في حياتهم وفي تعاطيهم مع من يحتكون بهم سواء في المحيط الأسري أو الاجتماعي أو الدراسي أو محيط العمل وكانوا يُعانون من قصور في الرؤية ومحدودية في التفكير إلا أنهم وبمجرد التحاقهم بالمستوى الأول للبرمجة اللغوية العصبية أصبحوا أكثر إيجابية وأكثر تفهّماً وقراءة واستيعاباً لأنفسهم وللآخرين من حولهم. ومن محاسن البرمجة اللغوية العصبية أن مُتقن مهاراتها يستطيع أن يُسخّر معارفها تقنياتها في مختلف مجالات الحياة سواء في التربية أو التعليم أو الإدارة أو التفكير أو الابتكار أو الحوار أو في رسم وتحديد وتحقيق الأهداف أو في التفاعل والتأثير بالآخرين وغيرها من المجالات، وهذا ما أثبتته حالات واقعية، فأحد المدربين يستخدم إحدى عشرة تقنية من تقنيات البرمجة لتنمية مهارة الحفظ لدى الطلاب، وأحد الدارسين لها يستثمر سبعاً من تقنياتها في التأثير والإقناع عند تنفيذ عمليات البيع والتسويق، ومن الناحية الاجتماعية عالج أحد دارسي البرمجة خلافاً بين زوجين كاد يصل بينهما الأمر إلى الانفصال لمعرفته المسبقة بالبرمجة، ويمارس مدربنا وأستاذنا عبدالله بن محمد القاسم وهو أحد روّاد البرمجة اللغوية العصبية وأحد الباحثين المتعمقين بها يمارس نشاط تقويم وتصحيح أفكار وسلوكيات كثير من الشباب من خلال أدوات وأساليب البرمجة. لو كان لي من الأمر شيء لفرضت تعليم البرمجة اللغوية العصبية على منسوبي ومنسوبات وزارة التربية والتعليم من موجهين وموجهات ومعلمين ومعلمات وإداريين وإداريات، ولأدرجت تعلّم البرمجة للطلاب والطالبات في المراحل الثانوية من باب دمج التدريب في التعليم وإن كان بشكل نشاط ثانوي غير منهجي لينهلوا من هذا العلم الذي أدعو المعنيين في وزارة التربية والتعليم إلى التعرّف عليه واكتشاف روائعه ومحاسنه لما له من أثر إيجابي كبير في حياة الفرد والمجتمع.