الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، وبعد: قال الله تعالى في كتابه الكريم في سورة النساء الآية 83: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً}. يوضح سبحانه وتعالى في تفسير هذه الآية عن الذين لم يستقر الإيمان في قلوبهم، وعدم الاطمئنان في النفوس المريضة، وهذا يعود إلى أسباب وساوس الشيطان وغروره الذي أهلك ودمر من كان قبلنا ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وجميع الشعب السعودي يستنكر ما قامت به الفئة الضالة من عمل إرهابي مشين في مناطق المملكة عموماً ومنطقة الأحساء خاصة في حادثة الدالوة، إنما يعبِّر عن فئة حاقدة على ما تنعم به هذه البلاد من لحمة وطنية، وتآلف واحترام وسلم اجتماعي فيما بينهما وبين المجتمعات عموماً. وأن هذه العقليات تتلخص في عقليات تقليدية عمياء، وأنها ضحية لمؤامرات عالمية، من فئات، وجماعات حزبية، وحِرَكاَت متشددة، وهدفها في ذلك الفساد والإفساد، وتغيير صورة الإسلام، كما قال الله نعالى: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ} (205) سورة البقرة. ولنا في هذا العبرة، ما عمله التعصب والصراعات الطائفية والمذهبية والتكفيرية في العراق وسورية، واليمن، وما يعانونه مُنذُ سنوات مضت من قتل الأبرياء العُزل، والشيوخ والأطفال الرضع، وهذا يعتبر جرماً مشيناً ووباءً اجتماعياً، وما زالت هذه البلدان تعاني من هذه الطوائف حتى الآن. وما حققته وزارة الداخلية في وقت قصير بالقبض على المتورطين في أحداث قرية الدالوة بمحافظة الأحساء، متزامنة مع عمليات أمنية في بعض مدن المملكة في أقل من 24 ساعة، لتؤكّد أنها حازمة على من يحاول أن تسوّل له نفسه المساس بأمن وممتلكات هذه البلاد حفظها الله من كل سوء ومكروه، وأن رجال أمننا وجنودنا البواسل لهم بالمرصاد إن شاء الله تعالى. ويجب علينا دائماً أن نحرص على الالتفاف حول القيادة الحكيمة، وتعزيز اللحمة الوطنية بيننا، وعدم التعصب والتطرف الذي يؤدي إلى قتل الأبرياء. وأن نرجع إلى ما قاله الله سبحانه في كتابه الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} (59) سورة النساء. فإن على الإعلام دور ومسؤولية كبيرة داخلية وخارجية، يلزمه التصدي لها، ونحن نعيش في كوكب فيه أمم ومذاهب. فيجب عليه أن يعزِّز من القيم الوطنية، والتآلف والتلاحم، وحماية المكتسبات الوطنية، وأن يراعوا مشاعر الناس، وتوضيح سلوكياتهم الخاطئة، بوعي وبصيرة في قالب ثقافي عصري، وأن الإنسان المسلم يسلم الناس من لسانه ويده، وأن يُعمر الجميع هذه البلاد بالود والاحترام بيننا، وأن نكون شعباً واحداً ويداً واحدةً. ولنا في قيادتنا الرشيدة الحكيمة مثالاً يحتذى به، وما قام به أصحاب السمو الملكي الأمراء في جميع مناطق المملكة، لذوي الشهداء من نقل تعازي خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين نائب رئيس مجلس الوزراء، وولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء حفظهم الله جميعاً، وما قاموا به أيضاً من زيارة المصابين في المستشفى في هذه الأحداث المشينة، وأن يحمدوا الله على سلامتهم، ومنوّهين بشجاعتهم وزملائهم في هذه العمليات الأمنية، وما قاموا به من القبض على المتورّطين والقائمين بالأعمال الإرهابية في قرية الدالوة بمحافظة الأحساء. داعين الله للشهداء بالرحمة ولذويهم بالصبر وللمصابين بالشفاء العاجل. حفظ الله بلادنا وقيادتنا من كل مكروه وسوء اللهم آمين.