يكثر السهر إلى أوقات متأخرة من الليل لاسيما في أوقات الإجازات مما يفوت على المسلم مصالح عظيمة في دينه ودنياه ومن حكمة الله وسنته في خلقه أن جعل الليل محلًا للنوم والراحة، والنهار للعمل والكسب، كما قال تعالى: (هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه، والنهار مبصرًا، إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون). ففي الليل سكينة وقرار ونوم وراحة، وفي النهار نشاط وعمل واجتهاد وهكذا جاء في السنة التحذير من السهر فعن أبي برزة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كان يكره النوم قبل العشاء، والحديث بعدها». وسبب كراهة الحديث بعدها أنه يؤدي إلى السهر, ويخاف منه غلبة النوم عن قيام الليل أو عن صلاة الصبح، ولأن السهر في الليل سبب للكسل في النهار عن الطاعات، ومصالح الدنيا وخاصة في نهار رمضان، ويستثنى من الكراهة ما إذا وجدت الحاجة للسهر أو كانت فيه مصلحة راجحة كسهر الإمام في مصالح المسلمين أو السهر لمدارسة العلم, ومحادثة الضيف، ومحادثة الرجل أهله وأولاده للملاطفة أو للمسافر والمصلي لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا سمر إلا لأحد رجلين: لمصل، أو مسافر». والنوم نعمة من نعم الله العظيمة ولكن في هذه العصور ومع وجود الكهرباء وانتشارها واختراع التلفاز ووسائل اللهو أخل كثير من الناس بما سنه الله تعالى ورسوله من النوم المبكر فيذهب البعض إلى ما يلهيه ويشغله إلى ما بعد منتصف الليل إما مع جمع من الأصدقاء للحديث في أشياء لا طائل ولا فائدة منها، وإما أمام الانترنت والقنوات الفضائية التي تبث برامجها على مدار اليوم؛ فالواجب على المسلم أن يحفظ وقته فيما ينفعه في دينه ودنياه لاسيما أننا مقبلون على شهر رمضان المبارك فالغنيمة الغنيمة، والمسارعة المسارعة فهذه الأيام والساعات التي تمضي بدون استغلال في الطاعات لن تعود إلى يوم القيامة، وفقنا الله وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح.