قبل أيام دار حديث في أحد الصالونات الأدبية، حول مقارنة طرحها أحد الحضور من الزملاء الإعلاميين والشعراء بين مواقف بعض الشعراء من أجيال مختلفة في تاريخ الشعر؛ فصيحه وشعبيَّه، وأرجع الفروقات لاختلاف الزمان والظروف المحيطة التي تختلف بين جيل وسابقه، بحكم أن الإنسان ابن بيئته، وأنه قبل وبعد هذا يؤثر ويتأثر، من ذلك ما حدده بقوله إن للمراس والخبرة في الحياة دوراً مهماً في حياة الشعراء، ما يُرجِّح كفة شاعر على آخر - في موقفه - بعيداً عن فنّيات الشعر والمنظور النقدي؛ فالبعض يترقب لمن أخطأ في حقه، ويتشنج في ردوده المتنوعة، وأحد هذه الردود هو الشعر، بينما آخر ينهل من معين حكمته الذاتية الذي لا ينضب، وبالتالي يُحسَم كل أمر لا يستحق أن يُعطى أكبر من حجمه؛ وهو ما يتماهى مع قول الشاعر أبي العتاهية: إذَا مَا بَدَتْ مِنْ صَاحب لَكَ زلَّةٌ فَكُنْ أنْتَ مُرْتَاداً لِزَلَّتِهِ عُذْرا وهنا يأتي دور ثاقب البصيرة الذي يتفوق على ما سواه في كل صغيرة وكبيرة، بعد مشيئة الله، يقول الشاعر أبو فراس الحمداني: لَعُمركَ ما الأبصَارُ تَنفَعُ أهلَها إذا لَم يَكن لِلمُبصِرينَ بَصَائِرُ وأضاف المتحدث بأن الشخص الذكي الذي يرى الأمور من زواياها كما ينبغي يجب ألاّ يُصدَم من مواقف الآخرين وتلونهم ومكائدهم؛ لأن مثل هذه الخطوة يفترض أنها في حسبانه قبل أن تبدر منهم، واستشهد المتحدث بقول الشاعر محدى الهبداني (رحمه الله): ناسٍ تشيل البُغْضْ ما هم خفيّين القلْب فيه الرّيب لو يضحك الناب وكذلك قول الشاعر لافي العوفي (رحمه الله): الغاية أن التحفُّظ زين قبل الوحل هذي وصايا من العقّال توصي بها و«مدارات شعبية» بشفافيتها وحياديتها تطرح فحوى ما دار دون التحيّز لجيل دون غيره، بعيداً عن مصادرة الآراء أو إقصائها. وقفة: للشاعر نايف صقر: لاعل قلبٍ ما تزاحم به الناس يموت ظامي ما سقته المحاني