يقول المتنبي: وَلَيسَ يَصِحُّ في الأَذهَانِ شَيءٌ إذا احْتاجَ النهارُ إلَى دليلِ وعليه فإن فريد الشعر الخالد الفصيح أو الشعبي منه، هو أشهر من نار على علم في كل زمان ومكان في كل أغراض الشعر المعروفة، إلا أن هناك من أبيات الشعر الشعبي ما تجاوز في شهرته الواسعة حدود مدى المهتمين بالشعر، سواء كشعراء، أو نقاد، أو متذوقين بتدرّج سقف ذائقتهم وآرائهم الانطباعية إلى آفاق (أبعد وأشمل بمراحل)، ففرضت -شهرة هذه الأبيات من الشعر- حضورها عند كل شرائح المجتمع بتنوّع ألوان أطيافها المعرفية (وتصدرت المجالس وتمثل بها الكثير في المواقف كشواهد موثقة)، من ذلك قول الشاعر محمد العوني -رحمه الله- في الملك المؤسس الموحد عبدالعزيز بن عبدالرحمن طيب الله ثراه وجزاه عن أبناء الوطن من كل جيل خير الجزاء: اضرب على الكايد ولا تَسمع كلام العز بالقَلْطَات والرأي الصليب وكذلك بيت خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- من قصيدة يخاطب فيها الأمير فيصل بن سعد بن عبدالرحمن رحمه الله: حنَّا هل العوجا ولا به مراوات شرب المصايب مثل شرب الفناجيل ومن الأبيات التي لا تخفى على أحد - في جزالتها- وفي دقة تصويرها ومضمونها كحق مستحق في مقام ومواقف وتاريخ سيرة من قيلت فيه، قول بيت الصديق الشاعر سعد الهماش -رحمه الله- في مقام سيدي ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع الأمير سلمان بن عبدالعزيز -أطال الله عمره وأدام عزه-: كلٍ يقول معزبي شيخ واقول الشيخ والله شيخ أهل نجد سلمان وأتذكر أنني كنت ألتقي بالصديق الشاعر مرات عدة في «الهياثم» و»الرياض»، كان آخرها في مجلس -الشنيفي- أحد زملائه في الخطوط السعودية، حيث قال له (لو لم تقل يابو ناصر من الشعر الجزل إلا هذا البيت لكفاك كشاعر جزل لأنه بلسان حال الجميع تجاه محبوب الجميع وأميرهم أبو فهد أطال الله عمره). ومن الأبيات الجزلة التي بلغت شهرتها الآفاق قول الشيخ راكان بن حثلين رحمه الله: الذم ما يهفي للأجواد ميزان والمدح ما يرفع ردي المشاحي ويقول الشاعر عبدالله بن صقيه: الحر ميقاعه بروس الشخانيب ياللي عليك طيور دارك تشابه ويقول الشاعر عبدالله اللويحان رحمه الله: من عاش في حيله وكذب وتهاويل يا سرع من عقب الطلوع انحداره ويقول محدي الهبداني: لا عاد ما ناخذ من الحق وافي اللي تحلوى الناس ما يرحمونه وبعد فالشواهد من الشعر في هذا الشأن كثيرة -وما دُوِّن- هنا هو على سبيل المثال لا الحصر. وقفة للشاعر سعد بن صبيح العجمي رحمه الله: لولاي أخلِّي كل وادي ومجراه ما صار لي عند النشامى شبوحي لا شفت خبلٍ يدبل الكبد بحكاه صدّيت عنه وقلت أنا أبخص بروحي [email protected]