في الوقت الذي يقول فيه الفرزدق (إنه ليمر بي أيام وخلع الضرس أسهل عليّ من قول بيت من الشعر واحد) فإن أبا العتاهية عكس ذلك يجزم أنه لو أراد لكان حديثه موزوناً باستمرار، ونحن نصدقه، لأن شعره سهل جداً، وشعبي، ومطرب أحياناً، وترك ديواناً هائلاً غير ما ضاع.. * وقد حار في شعره النقاد، فالجاحظ يرى أن (شعر أبو العتاهية أملس البطون ليس له عيون) أما ابن المعتاز فيقول عنه (كان أبو العتاهية مطبوعاً على الشعر، وغزله ليِّن جداً، مشاكل لكلام النساء، موافق لطباعهن) ويصف المبرد الشعر بأنه كان لعبة سهلة في يد أبي العتاهية. * قلت: وإذا أخذنا بالشواهد التي يحفظها الناس للشعراء، -وهي دليل جيد- وجدنا لأبي العتاهية نصيبا، فمن لا يحفظ قوله: (ألا ليت الشباب يعود يوماً، فأخبره بما فعل المشيب؟!) وقوله: (رحم الله البرايا أن الخطايا لا تفوح) * وتظهر عذوبة شعره وجماله السهل الممتنع في قوله: (أتته الخلافة منقادة، إليه تجرجر أذيالها فلم تك تصلح الإ له ولم يك يصلح إلا لها ولو رامها أحد غيره لزلزلت الأرض زلزالها) وكانت حياته (130 - 211) أولها مجون وآخرها زهد وكلها شعر.