تكون منهمكاً في عملك وفي قمة تركيزك، وفجأة تقطع عليك عملَك نغمةٌ من هاتفك الجوال لتنبهك إلى وصول رسالة «إيميل» فتظن أنها رسالة مهمة. تترك أعمالك، ثم تكتشف أن الرسالة ليست إلا واحدة من تلك التي يرسلها محتالون بعنوان» لقد فزت»..! هذه الرسائل يعرفها معظمنا لأنها تصل بشكل يومي في بريدنا الإليكتروني ولابد أن مرسلي هذه الرسائل الاحتيالية يلقون تجاوباً من بعض الأشخاص الذين تصلهم تلك الرسائل وإلا لما واصلوا إرسالها! هل من المعقول انه لا يزال هناك أناس يصدقون هذه الرسائل التي يرسلها محتالون بعضهم يبدو من أسلوبه أنه محترف وبعضهم الآخر يكتب رسائل بشكل ساذج ومكشوف لا يمكن أن ينطلي حتى على أشد الناس غباءً. كل من سبق أن قرأ هذه الرسائل يعرف الطريقة التي يعمل بها المحتالون، فهم يُغْرُون المرسَل إليه بشتى الطرق لكي يحصلوا منه على بيانات شخصية يستغلونها لسرقة حساباته والاحتيال على أمواله. بعض هذه الرسائل تتضمن معلومات تبشر المرسَل إليه بأنه فاز في يانصيب أو أنه اختير للفوز بسيارة فارهة أو بمبلغ من المال. وأحياناً تكون الرسالة من شخص ينتحل شخصية امرأة تَدَّعي انها أرملة وزير من إحدى الدول (عادة دولة أفريقية!) وتبحث عمن يساعدها على إخراج أموال مكتوبة باسم زوجها مع إعطاء المرسَل إليه نسبة من التركة. بعض الرسائل تحتوي على قصص خيالية تنفع أن تكون مادة لرواية مثيرة! ويمكن قراءة هذه الرسائل من باب التسلية لكنني أستغرب أن يصدقها أيُ عاقل، فضلاً عن أن يستجيب لها فيقع ضحية للنصب والاحتيال. من الواضح أن سوق هذه الرسائل رائجة، وأن هناك مغفلين تنطلي عليهم هذه الأساليب الاحتيالية المكشوفة. فاستمرار تدفق الرسائل بهذه الغزارة يدل على أن مرسليها يتلقون استجابة من بعض الناس بما يكفي لتحقيق أرباح تغطي أتعابهم وزيادة! هذا يحدث رغم التحذير المستمر، ولكن يبدوأن هناك من يعميه الطمع فلا يرى ولا يصدق إلا عندما تقع الفأس في الرأس ويكون هو نفسه الضحية. أتمنى أن تُصَعِّد الجهاتُ البنكية والأمنية من جهودها لتوعية الناس عن طريق الإعلانات في الصحف والتلفزيون والراديو ومواقع التواصل الاجتماعي. للأسف هناك مغفلون كُثر في هذه الدنيا؛ وهؤلاء يستحقون - من باب الشفقة على الأقل - أن نساعدهم لمقاومة أطماع أنفسهم وتنبيههم إلى أنَّ «ما كل بيضاء شحمة».