كل يوم يصبح العالم أكثر تشابكاً، وتصبح التقنية الحديثة وسيلة للتفاعل الإيجابي والسلبي، ولعل السلبي في الإعلام الجديد أن 70% من العاملين فيه مجهولو النسب، وهذا يعني إمكانية استخدامه كأداة تدخل من قِبل جهات خارجية، أما من الناحية الإيجابية، فإنه وسيلة مباشرة، وعاجلة للتفاعل مع قضايا الناس، وتجاوز البيروقراطية، خصوصاً في المؤسسات الحكومية، حيث بالإمكان أن يتفاعل كبار المسؤولين مع مواطنيهم دون حجاب أو واسطة. لكن هذا في قنوات التواصل الاجتماعي (تويتر) ليس ممكناً، فهو حديث مباشر، يعكس أحياناً جانباً من جوانب الثقة والمسؤولية، ويعكس أيضاً رغبة المسؤول بتجاوز العوائق البيروقراطية، التي تحول دون الاستماع لمشاكل المواطنين، ولو نظرنا لذلك في حساب الكلفة غير المرئية، لمثل هذه الإجراءات، لوجدنا أن خط الاتصال المباشر عبر (تويتر) له مردودات إيجابية على الأمن والاستقرار الاجتماعي، والسياسي، والاقتصادي. مبادرة معالي رئيس الديوان الملكي الأستاذ خالد التو يجري بفتح حساب في (تويتر) ليست مبادرة شخصية، بل هي مبادرة مسؤولة، وتلقى مباركة من خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله - لأن الاتصال بالمواطن يعني القدرة على حل مشكلاته التي استعصت في بعض الوزارات، وأصبح حلها يُشكّل حلماً للمواطن. هذه المبادرة سوف تحث جميع المسؤولين على الاستماع لمعاناة المواطن، وإيجاد الحلول المناسبة لها، وتُعتبر رسالة تؤكد قدرة الديوان الملكي على الاتصال، والتفاعل مع المواطنين، وحل مشكلاتهم عبر قنوات التواصل الاجتماعي الحديثة، وسماع الرأي المقابل بكل صدق وأمانة وشفافية، خصوصاً تلك القضايا التي تصبح محط اهتمام الرأي العام السعودي، أو إحدى شرائحه الوظيفية. المواطنون ثمَّنوا هذه المبادرة النبيلة لمعالي الأستاذ خالد التويجري، التي تسعى لإيصال شكاواهم، والجميل فيها أن بعض هذه الشكاوى حمل بعض النقد لمعاليه، في حين أظهر معاليه تقبله لمثل ذلك النقد وأنه جزء من مدرسة الوضوح والشفافية، التي اعتمدها واختطها الملك عبد الله - حفظه الله - لأن التواصل الصادق الذي يحقق مصالح الناس، وخدمتهم دون عناء، يزيد من التلاحم بين المواطن وقيادته الرشيدة. هذه الخطوة الراقية تستحق الشكر والإشادة من جميع أفراد المجتمع، لأنها سوف تحفظ الوقت والجهد للمواطن، وتقضي على البيروقراطية التي تنص على (تابع معاملتك غداً،) أو (اتصل علينا لاحقاً) أو (أن معاملتك تحت الإجراء) أو (تحت الدراسة) وسوف تسعى إلى حل الكثير من الشكاوى وسوف تجنب المواطن الازدحام، وتكبد المشاق وعناء السفر للوصول إلى الديوان الملكي. مطالب المجتمع كثيرة، وليس من مسؤولية الديوان الملكي أن يقوم بأعمال الآخرين، لكن تدخل الديوان الملكي يصبح ضرورة، إن وجد بأن هناك مؤسسات تسهم في إرهاق المواطن، أو إزعاجه وعدم إنصافه، والمواطن يتطلع دائماً للديوان الملكي كمرجعية له، كانت على الدوام في صفه وإلى جانبه، ومدافعاً عنه، وحاملاً له البشرى. وفي ظل وجود كم من المحتاجين من أصحاب القضايا والشكاوى، والذين يرغبون في التواصل مع الديوان الملكي مباشرة، وينتظرون الحل المناسب والسريع لقضاياهم، هنا نقترح إنشاء (هيئة عليا متخصصة) للنظر في هذه القضايا، تضم أهل الخبرة والمعرفة في جميع المجالات الاجتماعية والخدمية، والاقتصادية، بحيث يقومون بفحص جميع الطلبات الواردة عبر (تويتر) ومتابعتها، وعرضها على صنّاع القرار، ومن ثم الرد عليها في الحال. شكراً، معالي رئيس الديوان الملكي، وبارك الله فيكم وفي مساعيكم الحميدة، وهذا ليس بمستغرب من خريج مدرسة الملك عبد الله - حفظه الله - على هذا النهج الوطني المميز، ونتمنى أن يسلك جميع الوزراء منهجكم الطيب والهادف، وفتح (تويتر) لهم خدمة للمواطنين، والاستماع إلى مطالبهم والنظر في جوانب التقصير التي قد تصاحب تنفيذ بعض المشاريع، والسعي إلى حل مشاكل الإسكان والبطالة وغلاء الأسعار والتضخم ورفع قيمة الريال ومحاربة الفساد.