لم تخرج عنيزة يوما من عباءة الريادة.. ولم تكن عنيزة بعيدة عن زعامة كل نشاط يجسد حضورها وقامتها.. فلها في السياحة قمة. وفي الثقافة والتراث مجد يسجل صولاتها وعلوها.. وفي التمور تعرف عنيزة بتميزها وخاصيتها المعتبرة التي تذكر في كل أسواق الوطن.. أليس هو المنتج الرائد فوق كل المنتجات؟ بلى إنه المنتج السخي عذوبة وعطاء.. فعندما يحل بنا موسم التمور فإننا نجد أجواء عنيزة قد اهتزت فرحا بقدومه.. وتراقصت نخيلها طربا لاستقباله.. وشمر مزارعوها عن سواعد الجد والعمل. وتحركت أسواقها لترحب بزوارها من كل أصقاع الوطن من شماله وجنوبه ومن شرقه إلى غربه.. لم يكن هذا فحسب بل تجاوز حدود الوطن ليصل إلى دول مجلس التعاون الخليجي وقد تذوقوا تمور عنيزة بأنواعها العذبة وطعمها الشهي. وإذا كان صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة القصيم قد أطلق على محافظة عنيزة أنها رائدة السياحة بالمنطقة، فلا عجب أن تحمل هذه المحافظة لقبا جديدا شعاره (عنيزة رائدة التمور).. وقد استطاع الصخب الإعلامي الذي صاحب ويصاحب موسم تمور عنيزة من خلال المهرجانات المتتابعة التي تحمل اسم (مهرجان تمور عنيزة) أن تجعل لهذه المحافظة حضورها المتميز. هذه المهرجانات الناجحة نقلت تمور عنيزة إلى العالمية والدولية من خلال المزاد الإلكتروني وأعطى لتمور عنيزة شهرة ذائعة الصيت في الأوساط المحلية والخارجية فوق شهرتها الذائعة وانتشارها المعروف وأن يسجل لتمور عنيزة الغارقة بالجودة والتميز ماركة مسجلة بين المحلية والدولية وأن يكون لهذه الماركة المسجلة عنوانها الثابت وشعارها المتميز.. لقد شهد بجودة تمور عنيزة البعيد والقريب.. وعرف قيمتها القاصي والداني.. وأدرك عذوبتها كل من عرف نكهتها وتذوق رطبها وبلحها.. لقد أخرجت أرض عنيزة تمراً ورطباً جنياً يعز على كل متذوق للتمور أن يغادر عنيزة دون أن يحصل على كمية منه، يقدمه على مائدة أسرته وضيوفه أو يقتنيه ليقدمه إهداء لمحبيه ومعارفه.. لقد رأيت بنفسي وأنا أقف ذات مرة تلك الناقلات المبردة التي تقوم بتعبئة حمولتها من تمور عنيزة لتعبر بها كل الطرقات لتصل إلى أقاصي البلاد وتتجاوز بها حدود الوطن ومنها ما ينقل عبر الطيران الجوي لمسافات بعيدة، ثم تكرر المشهد أمامي وأنا أفتخر كغيري من أبناء هذا الوطن ونحن نرى هذا المنتج المحلي يغزو كل الأسواق ويحقق مكاسب للوطن وأبنائه الذين حققوا بسواعدهم افتية مكانة لا تضاهى.. يأتي موسم تمور عنيزة ضاجا بضيوفه الكرام وعشاقه الأفاضل فيستقبلهم البرحي بمذاقه الجميل.. والسكري بعذوبته الشهية. والحمراء بطعمها المتناهي عذوبة وذوقا. وأم حمام السباقة إلى التواجد في الأسواق والموائد.. لم تكن تمور عنيزة بخصائصها ومميزاتها تلك فحسب بل صرنا نفاخر بها وقد أخرجت لنا منتجات شعبية عرفها آباؤنا وأجدادنا وتناولوها أيام الشدة وشظف العيش, وبقيت تلك المأكولات الشعبية بمذاقها العذب إلى يومنا هذا تنافس أرقى صناعات المأكولات الحديثة التي تقذف بمنتجاتها وحلوياتها إلى الأسواق وموائد المناسبات لكن التمور بمنتجاتها الشعبية والمحلية والحديثة تتصدر موائد الضيافة العامة منها والخاصة.. لقد فوجئت ذات يوم بأحد مصانع التمور وهو يصنع من التمور (الأيسكريم) اللذيذ المذاق وقد رأيته وتذوقته وعرفت منه رائحة التمور التي تعودنا على طعمها ومذاقها. لقد كان (الحنيني والقشدة والمعمول) من أبرز المأكولات الشعبية التي دخلت فيها التمور بصفة مباشرة ورئيسية فتناولوها بالصحة والعافية. سليمان بن علي النهابي [email protected]