أتابع كأي مواطن حملة التوعية الإرشادية التي تتبناها كل عام وزارة المياه والكهرباء ممثَّلة بوكالة الوزارة لشؤون الكهرباء حول مناشدة كل مواطن ومقيم ومسؤول في أنحاء المملكة بضرورة التعاون الجاد لما فيه مصلحة الجميع، ولا شك ولا جدال أن ترشيد الاستهلاك الكهربائي اليومي يمر بين أيدينا وبإرادتنا وبتعاوننا، فمتى أدركنا أو بمعنى أصح عقدنا العزم على نبذ الاستعمال العشوائي المفرط لهذه المادة الحيوية الضرورية في حياتنا، فمعنى ذلك توفير الحد المعقول للاستهلاك بدون إفراط ولا تفريط خصوصاً إذا ما علمنا أن وسائل توفير الطاقة يلزمها يومياً استهلاك مليون وثلاثة أرباع مليون برميل من النفط، أي ما يعادل إنتاج دولة نفطية مثل ليبيا، وبلادنا لا تملك شلالات عالية ولا سدوداً نهرية لتوليد الطاقة براحة وأمان، فنحن في موقع جغرافي شاسع المساحة يمثل في طقسه أرفع درجة حرارة في العالم في صحراء جافة قاحلة متباعدة تشبه القارة. والترشيد والتوفير يجب أن يبدأ من المرافق الحكومية غير الصحية - أقصد الطبية - ومن القصور الشامخة ومن المساجد التي تفتح مكيفاتها بلا حساب وعلى أيدي عمالة تتولى هذه المهمة بلا توعية ولا مراقبة ولك أن تتصور - عزيزي المواطن - أن مدينة كالرياض تحتضن عشرات الألوف من المساجد يوجد فيها مجتمعة ما لا يقل عن نصف مليون مكيف فريون وبأحجام كبيرة يتم فتحها مجتمعة قبل الأذان وبدون تدرج، ويظل الكثير منها مفتوحاً حسب مزاج خادم المسجد الذي لا يهمه الإسراف في قليل أو كثير. ومن هذا المنطلق وبغياب التوعية الأسرية داخل البيوت وتنمية الوعي في المجتمع وفي الإعلام المرئي والمسموع وفي المدارس والمساجد.. هنا يجب أن نلوم أنفسنا عند انقطاع الكهرباء ما دام أننا نخلد إلى السكوت غير مبالين بتبعات الإسراف المفرط الذي لا تجده حتى في البلدان الغنية بالطاقة الكهربائية الفائضة. إنني كأي مواطن عادي لا تربطني بالشركة أي رابطة إدارية أو مصلحة خاصة وكغيري أكتوي بنار أسعارها المضاعفة صيفاً.. ولكن والحق يُقال إنني لم أر بأم عيني ما يشبه هذا الهدر الهائل والإسراف المنقطع النظير لهذه الطاقة الحيوية في جميع المرافق التي أشرت إليها، وما لم توحدنا الإرادة القوية والعزيمة الصادقة والتصميم الجاد على ضرورة التعاون والتكاتف في الاقتصاد في الاستعمال.. ما لم يتحقق ذلك فسنقول: «على نفسها جنت براقش»، وما يُقال عن الكهرباء يُقال عن الإسراف في استهلاك الماء الذي هو عماد حياتنا، والله الهادي. abo.bassam@windows live.com الرياض- كاتب صحفي ومدير عام تعليم سابق