بعدما نجح بايرن ميونيخ في تحطيم العديد من الأرقام القياسية بالدوري الألماني لكرة القدم (بوندسليجا)، وواصل بوروسيا دورتموند عروضه القوية وانطلاقته الرائعة للموسم الثالث على التوالي، يكتب الفريقان سوياً سطراً جديداً في تاريخ إنجازات الكرة الألمانية على الساحة الأوروبية عندما يلتقيان في المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا. ويشهد استاد «ويمبلي» الشهير بالعاصمة البريطانية لندن اليوم المواجهة التاريخية بين الفريقين؛ إذ يجمع النهائي بين فريقين من ألمانيا للمرة الأولى في تاريخ دوري الأبطال. وأثار بايرن ودورتموند ضجة هائلة في عالم كرة القدم هذا الموسم بعد انطلاقتهما الرائعة في دوري الأبطال وبلوغهما النهائي على حساب قطبي الكرة الإسبانية برشلونة وريال مدريد، ومن خلال نتائج رائعة في المربع الذهبي. ولم يكتفِ بايرن بالفوز الساحق 4/ 0 على برشلونة ذهاباً في ميونيخ؛ إذ أكمل انتصاره بثلاثية جديدة على برشلونة في عقر داره إياباً؛ ليفوز 7/ 0 في مجموع المباراتين بالمربع الذهبي. وفي المقابل، حقق دورتموند فوزاً رائعاً 4/ 1 على الريال ذهاباً في دورتموند، ثم تصدى لمحاولات الريال للعودة القوية في لقاء الإياب، وخسر دورتموند 0/ 2 ليفوز 4/ 3 في مجموع المباراتين، ويحجز مكانه في النهائي الأوروبي للمرة الثانية بعدما فاز باللقب في عام 1997. وبقدر ما أثار وصول الفريقين للنهائي السعادة في ألمانيا أثار القلق والاستياء في كل من إسبانيا وإنجلترا؛ إذ أصبح مؤشراً على تغير موازين القوى الكروية في القارة وعودة البوندسليجا لبسط نفوذها على الساحة الأوروبية التي سيطرت عليها الكرة الإنجليزية والإسبانية لسنوات طويلة. وتتمتع البوندسليجا بمناخ صحي أكثر من باقي بطولات الدوري المحلية نظراً لعدم السماح للمستثمرين الأجانب بشراء الأندية أو السيطرة عليها، كما أنها ما زالت تقدم تذاكر معتدلة الأسعار لمباريات البطولة. وتتمتع البوندسليجا أيضاً بأفضلية أخرى، هي أن عدد الفرق المتنافسة في البطولة 18 فريقاً فقط مقابل 20 فريقاً في بطولات الدوري الكبيرة الأخرى بالقارة الأوروبية؛ ما يسمح بحصول فرق البوندسليجا على عطلة شتوية طويلة، تمنح الفرصة للاعبين لالتقاط أنفاسهم وإعادة شحن قواهم استعداداً لجولة الإياب وما تشهدها من مباريات حاسمة، إضافة إلى ما تخوضه بعض هذه الفرق من مراحل حاسمة في بطولة كأس ألمانيا وبطولتي الأندية الأوروبية. كمتتمتع البوندسليجا بنظام أكاديميات الناشئين وقطاعات الشباب بالأندية، التي أصبحت أمراً إجبارياً منذ السقوط المدوي للمنتخب الألماني في نهائيات كأس الأمم الأوروبية (يورو) 2000 بهولندا وبلجيكا عندما خسر الفريق مبارياته الثلاث في مجموعته بالدور الأول، وودع البطولة صفر اليدين. وتمثل المباراة النهائية لدوري الأبطال على استاد «ويمبلي» ذروة المنافسة المحتدمة بين بايرن ودورتموند في السنوات الأخيرة. علماً بأن آخر مواجهة سابقة بين الفريقين انتهت بالتعادل 1/ 1 في الرابع من مايو الماضي، وإن كان من الصعب وضعها مقياساً لما يمكن أن يحدث في المباراة النهائية لدوري الأبطال. وفاز دورتموند في جميع المباريات الأربع التي جمعته ببايرن في البوندسليجا في الموسمين الماضيين اللذين توج فيهما دورتموند باللقب، كما فاز على بايرن 5/ 2 في نهائي كأس ألمانيا الموسم الماضي. وثأر بايرن من منافسه العنيد بالفوز عليه 1/ 0 في دور الثمانية لمسابقة الكأس هذا الموسم، بينما انتهت مباراتا الفريقين في البوندسليجا هذا الموسم بالتعادل 1/ 1، وأحرز بايرن لقب البطولة بفارق هائل من النقاط أمام دورتموند. ومنذ هزيمته أمام باير ليفركوزن 1/ 2 في 28 أكتوبر الماضي لم يخسر بايرن أي مباراة في البوندسليجا، كما حقق الفوز في جميع المباريات التي خاضها بالبطولة منذ بداية فعاليات الدور الثاني باستثناء تعادله مع دورتموند مطلع الشهر الحالي. كما حقق الفوز في جميع المباريات التي خاضها بكأس ألمانيا، وبلغ المباراة النهائية بجدارة، وحقق الفوز في جميع المباريات الأربع التي خاضها في دور الثمانية والمربع الذهبي لدوري الأبطال بالفوز 2/ 0 على يوفنتوس الإيطالي ذهاباً وإياباً، وعلى برشلونة 4/ 0 ذهاباً و3/ 0 إياباً. وفي المقابل، ظل دورتموند هو الفريق الوحيد الذي لم يتعرض لأي هزيمة في دوري الأبطال هذا الموسم حتى مني بالخسارة الأولى له في البطولة أمام ريال مدريد 0/ 2 في إياب المربع الذهبي، وإن لم يحرم هذا الفريق من التأهل لنهائي البطولة. وما يضاعف من الإثارة في نهائي دوري الأبطال هو تعاقد الألماني الدولي الشاب ماريو جويتزه نجم خط وسط دورتموند مع بايرن ليلعب ضمن صفوفه بداية من الموسم المقبل بعد سداد الشرط الجزائي لدورتموند، كما أثير جدل هائل في الفترة الماضية بشأن إمكانية انتقال البولندي روبرت ليفاندوفسكي مهاجم وهداف دورتموند إلى بايرن أيضاً. واشتهرايرن بالسعي دائماً لاستغلال ثرواته ووضعه المالي المتميز لضم أبرز النجوم من الأندية الألمانية المنافسة، وهو ما يعتبره كثيرون محاولة من النادي البافاري لإضعاف منافسيه أكثر من حاجته لهؤلاء النجوم. وسبق لدورتموند أن تغلب على بايرن في دور الثمانية لدوري الأبطال عام 1998، لكنه خسر بعدها أمام ريال مدريد في المربع الذهبي عندما كان يوب هاينكس مديراً فنياً للريال. واستعاد دورتموند اتزانه سريعاً بعدما كان مهدداً بإعلان إفلاسه في 2005، وحصد ملايين من اليوروات هذا العام. وتزايد الجدل في الفترة الماضية حول إمكانية احتكار بايرن ودورتموند للألقاب المحلية في ألمانيا مثلما فعل الريال وبرشلونة في إسبانيا منذ سنوات عديدة. ولكن الحقيقة أن ألمانيا لم تشهد نادياً حتى الآن نجح في الهيمنة على الألقاب المحلية لفترة طويلة مثلما فعل بايرن بفضل ثروته.