تتصدر بلدة أشيقر التراثية في الوقت الحاضر الوجهات الأكثر استقبالاً للسياح في منطقة الرياض وخاصة من الجاليات المقيمة في الرياض الذين تكثر زياراتهم للبلدة يومي الخميس والجمعة. وأصبحت البلدة وجهة للسياح بعد أن بادر أهالي أشيقر بترميم مبانيهم الطينية لتتضافر معها بعد ذلك دعم الهيئة العامة للسياحة والآثار فأصبحت هذه البلدة أكثر البلدات التراثية جاهزية للرحلات السياحية ليس على مستوى منطقة الرياض فحسب بل وعلى مستوى المملكة، خاصة بعد افتتاح متحف خاص وسوق شعبي ومطعم للأكلات التراثية. وتتميز بلدة أشيقر التراثية بجمال عمارتها التراثية، حيث بنيت جدرانها من لبن الطين، وسقفت غرفها وممراتها بأخشاب الأثل وغطيت الفراغات بين هذه الأخشاب بسعف النخيل، وكذلك صنعت الأبواب والنوافذ وجميع الأعمال الخشبية من مواد البناء المحلية المتمثلة في جذوع النخل والأثل. وقد بدأت أعمال الترميم في البلدة التراثية بأشيقر عام 1424ه بعد زيارة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار لها، حيث بإعادة ترميم الممتلكات العامة كالمساجد والأسواق والدكاكين والممرات المؤدية إلى تلك المنازل، وبعد فترة وجيزة بادر المواطنون إلى ترميم منازلهم وشيدوا دار التراث الذي يعد متحفاً متكاملاً يعرض فيه التراث الشعبي للمدينة، وقامت الهيئة لاحقاً بترميم سور القرية. وقامت الهيئة العامة للسياحة والآثار مؤخراً بترميم سور القرية لتكتمل بذلك معظم أجزاء القرية التراثية. موارد اقتصادية للمجتمع المحلي ومع تزايد أعداد السواح وخاصة الجاليات الأوربية المقيمة في المملكة بدأ الأهالي في تطوير البلدة سياحياً للاستفادة من الموارد الاقتصادية للنشاط السياحي في بلدتهم وما توفره من فرص عمل. حيث عمل بعضهم في الإرشاد السياحي، وآخرون في بيع المنتجات التراثية، إضافة إلى المطعم التراثي الذي تساهم الأسر المنتجة في إعداد الأكلات التي تقدم فيه. ويعد المطعم التراثي في البلدة أول مطعم للوجبات الشعبية داخل بلدة تراثية، ويقوم بعمل الوجبات من قبل الأسر المحلية بالتنسيق مع الضيوف والزوار ويلقى إقبالاً منقطع النظير من السياح والزوار. وتحتضن البلدة متحف السالم هو أحد المتاحف الحاصلة على ترخيص من الهيئة العامة للسياحة والآثار، قد احتوى على بعض قطع التراث الشعبي ووسائل الزراعة قديماً، إضافة إلى بعض الحرف والوثائق والمخطوطات، ويقع المتحف في أحد البيوت القديمة داخل البلدة القديمة. وفي أرقة القرية وساحاتها توجد مجموعة من المحال التجارية أو كما تسمى قديماً «السوق» وفيه يمارس القدماء عمليات البيع والشراء، واستطاع الأهالي أن يعيدوا للمكان جزءاً من تاريخيه حيث خصص محل لبيع القطع الأثرية وآخر لبيع التمور، كذلك بقالة صغيرة تبيع المرطبات مصممة بالطريقة القديمة. وتشم رائحة التاريخ قادمة من بين ممرات البلدة ومن بين المنازل التي اكتست باللون البني الذي ارتبط بنوعية البناء وأسلوبه. يأخذك مرشدون سياحيون تستمتع بالحديث معهم عن أبرز معالم القرية في تاريخها القديم فما يملكونه من معلومات تاريخية خاصة بأشيقر لا توجد في بطون أمهات الكتب، فالمؤرخ الشيخ صالح الرزيزاء العنقري ليس مرشداً سياحياً فحسب بل علامة في تاريخ هذه البلدة يقف بك في كل زاوية من زوايا المدينة ويذكر لك تطورها وبعض المواقف التي مرت بها. يصف العنقري أحوال أشيقر منذ قرون طويلة، ينطلق بك إلى أهم الأماكن وهي: بيت الشيخ إبراهيم بن عيسى المؤرخ المشهور، وكذلك مسجد الشيخ سليمان بن علي المشرف جد الشيخ محمد بن عبد الوهاب والذي يقع في سوق المنيخ بالشمال. يذكر العنقري كثيراً من المواقف التاريخية، تشعر وأنت تتجول في أنحاء البلدة أنك في عالم آخر أو في مشهد سينمائي، فالعناية بالتفاصيل الدقيقة في عمليات الترميم جعلت من المكان تحفة فنية وعلامة بارزة في خارطة السياحة الداخلية. دار التراث ودكان القرية وفي شوارع البلدة الضيقة، تستقبلك دار التراث التي تضم الكثير من معالم الحياة القديمة من جلسة شعبية إلى متحف يزخر بالقطع الأثرية المتنوعة التي قدمها حمد الضويان الباحث في مجال التراث الشعبي والآثار، يتعرف الزوار على أدوات الطبخ القديمة في قسم خاص، كما يجد الزائر تفاصيل لحياة العروس والملابس التي تقتنيها، كما يعيد المتحف للذاكرة جزءاً كبيراً من ملامح الحضارة التي بدأ الناس يتعرفون عليها عندما ظهرت الأطعمة المعلبة والمشروبات الغازية في ركن أطلق عليه «دكان القرية». أما القسم الآخر فقدمه الأهالي ليكتمل هذا المتحف التراثي وتكتمل أجزاء الصورة التاريخية الذي يمتد لأكثر من 50 عاماً. نموذج مميز بتأهيل القرى التراثية ويرى رئيس لجنة الإعلام السياحي بمجلس الغرف السعودية عبد الرحمن الصانع أن قرية أشيقر مثال يحتذى لتعاضد الأهالي وتكاتفهم للخروج بقرية تراثية من طي النسيان إلى ذاكرة الوطن السياحية، مشيراً أن أشيقر باتت مقصداً للمجموعات السياحية في الدخل والخارج. وشدد الصانع على أهمية تعميم تجربة أشيقر في تأهيل القرى القديمة لكل مناطق المملكة التراثية التي تزخر بها المملكة، مشيراً أنها مقومات طبيعية تحتاج إلى عناية وتأهيل. وأظهر المبادرة الأهلية المدعومة من الهيئة العامة للسياحة والآثار لترميم القرية وتأهيلها وتحويلها من بقعة خاوية على عروشها، إلى مقصد سياحي، ومعلم تراثي بارز خلال خمس سنوات.