أتحفني معالي الدكتور عبد العزيز الخويطر -متعه الله بالصحة والعافية وأمد في عمره- بكتابه وسم على أديم الزمن (الجزء السادس والعشرون) لمحات من الذكريات؛ حيث يتحدث فيه معاليه عن حياته الخاصة والرسمية في حقبة عمله في وزارة المعارف عام 1406ه، وهي سنوات متميزة نتيجة التنمية والتطور والنهضة. ويقول: (لقد حافظت في الأجزاء السابقة على الصورة المتكاملة لحياتي الخاصة ولعملي ولما يجري في المجتمع الذي يحكمني وأتحرك في حدود لأني أشعر أن ما أكتبه هو تاريخ، ولعل المذكرات الشخصية تكون أهم مصدر للتاريخ إذا اتسمت برسم صورة حقيقة للشخص ومجتمعه، وجاءت أمينة لا تحيز لدى صاحبها ولا عنصرية ولا عصبية، وإنما ببهجة قول الحق. ويقع الكتاب في 795 صفحة بفهارسه وملاحقه، واشتمل الكتاب على ذكر لحوادث كل شهر وما فيها من ذكريات وشخصيات ومكتبته النفيسة بالكتب والمخطوطات - واستعرض عدة شخصيات وبعض المواقف وافتتاح بعض المشاريع وضرب بالطائرات العراقية لحقل البترول الإيراني، وإعفاء وزير البترول أحمد يماني، ووفاة الأمير مساعد بن عبد الرحمن، وافتتاح جسر الخليج، وبعض النوادر والذكريات في حفلة تكريم الشيخ محمد بن عودة، وعن مزرعة الزامل في الخرج وما فيها من أسماك، وعن الطيور المهاجرة، وعن الشيخ عبدالله الفالح، وهو أحد الطلاب المبرزين، وقد تعرفت عليه حينما كنت طالباً في مدرسة دار التوحيد في الطائف، وكان وزملاؤه طلاب كلية الشريعة وهم من خريجي دار التوحيد يزورون زملاءهم في الطائف ويحضرون ناديه ليلة الجمعة، وقد تحدثت عن ذلك في مقالة عن مدرسة دار التوحيد ومسيرة ستين عاماً ثم تحدث عن الحجاج الإيرانيين، وعن اللبنانيين وحرصهم على جمع المال ومهارتهم في ذلك. يشتمل الكتاب على سياحة جميلة في مختلف أرجائه، والناظر فيه والمتأمل يراه صفحة تاريخية لذكريات وتجارب متميزة لم تكن لتصدر إلا عن شخص عاش الحياة بحلوها ومرها وبطولها وعرضها فأنتج هذه النصوص والذكريات التي أبدع فيها المؤلف بفكره وحكمته وأسلوبه ولغته وتصويره لبعض المواقف. فتحية للمؤلف على رسم هذه الصورة التذكارية والمواقف التاريخية التي سيكون لها شأن لدى الأجيال القادمة حيث صاغها بأسلوب سهل مبسط متألق، فهنيئاً للدكتور الخويطر على هذا التميز في الحكمة وعمق التجربة وبعد الرؤية ورسم صورة صادقة لمجرى الحوادث والعمل والزمن وتقديم ذلك بأسلوب مشوق وجذاب وسعة وإحاطة. هذا وبالله العون والتوفيق.. عضو جمعية التاريخ والآثار بدول مجلس التعاون