ربما لم يسمع بعض الناس في يوم من الأيام بجزيرة وبلدة تقبع في المحيط الهندي تسمى (ريونيون) هذه الجزيرة الواقعة في شرق إفريقيا هي جزيرة يبلغ عدد سكانها 800 ألف نسمة، ومساحتها ضئيلة جداً، دخلتها فرنسا بعد البرتغال عام 1638م، وكانت منفى للمتمردين الفرنسيين، ثم تنازع عليها الإنجليز والألمان، ثم أصبحت أحد أقاليم فرنسا (إقليم ما وراء البحار) منذ عام 1646م. ثم عمدت فرنسا لتفويج مجموعة من المهاجرين من بلدان آسيوية وإفريقية، كالهند، وباكستان، والملايو، وجزر القمر، ومدغشقر، وانتقل معها العديد من المسلمين مسن هذه البلدان؛ ليشكلوا نواة للمسلمين في هذا البلد الذي لا يتعدون نسبة 2.5%. هذه المقدمة اليسيرة في التعريف بهذا البلد هو تمهيد لما بعده -وهو الأهم- فقد شاركت الجمعيات الإسلامية في هذا البلد الصغير في مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم وتجويده وتفسيره في رحاب المسجد الحرام خلال المدة من 18 - 25محرم 1434ه، ونافس المشاركون من هذا البلد إخوانهم المتسابقين من مشارق الأرض ومغاربها، وأثمرت المشاركة عن فوز متسابقين منهم أي من جزيرة (ريونيون)، حيث حصل المتسابق حارث با هاتي، ورضوان أيوب على المركزين الثاني والرابع في الفرع الخامس، وهذان المتسابقان لا يجيدان التحدث باللغة العربية، ولكنهما متقنان للقرآن الكريم تجويداً وترتيلاً مما جعلهما يتقدمان مع الفائزين الآخرين على ما يزيد على مائة وأربعة وستين متسابقاً تأهلوا عبر العديد من المنافسات المحلية في بلدانهم، وهذا الشاهد من شواهد عالمية القرآن الكريم، وعلى ما ذكره الله -عزّ وجلّ- من تيسير الذكر: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ}، وأن القرآن الكريم، وهذا الدين العظيم الدين الإسلامي هو دين عالمي ليس للعرب، وليس لمكان وزمان محدد. وما يقال عن المتسابقين من جزيرة “ريونيون" يقال -أيضاً- عن متسابقين آخرين فازوا من بلدان أعجمية غير عربية، فقد فاز المتسابق حارث مورث شوير من البوسنة والهرسك بالمركز الخامس في الفرع الثاني, وزميله داود مصطفى أفنديتش بنفس المركز في الفرع الثالث، وفاز ثلاثة متسابقين من بنجلاديش هم: تنوير حسين، ومحمد إحسان نعمان، ومحمد سعد ثريل عبدالجليل بالمراكز الأولى في الفروع الثاني والثالث والرابع. فيما جاء الفرع الأول للمتسابق من المملكة العربية السعودية هو المتسابق عبدالمجيد فلاته، والفرع الخامس للمتسابق من سريلانكا هو المتسابق محمد رزقان، كما نافس محمد ماما المتسابق من تايلند وحصل على المركز الثالث في الفرع الخامس، ومثل ذلك لمتسابق آخر من الكاميرون هو محمد أبكر حصل على المركز الثاني في الفرع الرابع. وبنظرة إجمالية عامة على الفائزين الخمسة والعشرين من المركز الأول إلى المركز الخامس في الفروع الخمسة نجد أن ثمانية بلدان عربية فقط تأهل منافسوها للمراكز الأولية، فيما جاءت سبع دول غير عربية منافسة لها مما يعني تساوي الفرص وتماثلها، على الرغم من أن البلدان العربية الإسلامية ناطقة باللغة العربية. وإذا كنا نقدم التهنئة للفائزين ولجميع المشاركين في هذه المسابقة الجليلة المباركة، فقد زادها بهاءً ورونقاً إقامتها في رحاب المسجد الحرام، وجاء ختامها مسكاً برعاية خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- وإنابته لمعالي وزير الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ، وبحضور سماحة المفتي العام للمملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، والرئيس العام لشئون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ د. عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، وبعض أئمة المسجد الحرام، وعدد من وزراء الشئون الإسلامية والمسؤولين في عدد من البلدان الإسلامية. [email protected]