بعيداً عن نمطية تعريف الصداقة، ومبادئها وأسسها، وتوثيق ما يحسب لها، أو عليها (لأن كل ذلك لا يغيب عن فطنة القارئ الكريم) فإنني أعتب - بحب - على من يُعطي بعض المواقف حجماً أكبر من حجمها سواء في تفسيرها، أو في توجساته التي تحيط بهذه التفسيرات من بعض جوانبها - أو دخولها اعتباطاً في نوايا أطراف بعض ممن يعنيهم أمر هذه الصداقات، ولو أخذ هذا الأمر - في تصوري - ببساطة وقارنه بمواقف مشابهة على طول تاريخ الصداقات وعرضها وعلى امتداد - الليالي والأيام - فإنه لن يأتي بجديد إذا كانت نتائج هذه الصداقات بإيجابياتها وسلبياتها تشبه في ملامحها صداقات طواها الزمن بحلوها ومرها.. فالأمر (بمجمله) لا يتطلب (ألم في غير محله) إلا إذا كان هناك خلط في التحليل للأمور (بين ما هو كائن وما يجب أن يكون) يقول الشاعر الياس فرحات: وزّهَّدَنِي في النَّاسِ مَعْرِفَتِي بِهِمْ وَطُولُ اختِباري صَاحباً بَعْدَ صَاحِبِ فَلَم تُرِنِي الأَيَّامُ خِلاًّ تَسُرنِي مَبَادِيهِ إلاَّ ساءَنِي فِي العواقِبِ وإذا ما طبقنا المثل المعروف (الصديق يُعرف عند الشدة) (Adversity tries friends) عندها.. فقط يجب أن نأخذ الأمر بمرونة وصمت له وقاره ورقيّه بدلاً من (اللت والعجن والمشاريه على اللي ما يستاهلون وما على فرقاهم حسوفة). ما دعاني لما ذكرته قصائد - ترد إلينا - في (مدارات شعبية) كثير من شعرائها يتحدثون عن مواقف لأصدقائهم بعتب ومرارة - قد يكونون محقين فيها - ولكن الأمر لا يصل للتجريح والإقلال البالغ بشخصنة لا تليق من قدر شخص كان في يوم من الأيام في نفس الآخر (بدرجة صديق!!) وكان الأجدى أن يشكر الظروف ومرارة مواقفها - رب ضارة نافعة - بعد أن كشفت له هذا الشخص. يقول الشاعر الكبير عبدالله لويحان -رحمه الله-: واجد فحول الأوادم مار وين الفحل اللي إذا غِلِّقِت يفتح لواليبها بعض الأوادم كما وادي (مْحَسِّرْ) مِزَلْ ما كل من درهمت وجناه يمسي بها ويقول الشاعر عبدالله بن صقيه التميمي: اللي يريد الطيب يبعد عن العيب ما ينسكن قصرٍ تبيّن عيابه الحر ميقاعه بروس الشخانيب (ياللي عليك طيور دارك تشابه!!) وقفة للشيخ راكان بن حثلين رحمه الله: ما قل دل وزبدة الهرج نيشان والهرج يكفي صامله عن كثيره [email protected]