لطالما غبطتُ أحد أصدقائي الأعزاء على سرعة بديهته ودقته المتناهية الموضوعية المنطقية في تحليله لأصغر تفاصيل الأمور وكذلك نظرته الاستشرافية وحاسته السادسة أو فراسته التي لا تخطئ في تفسير مواقف الآخرين بالإضافة لهدوئه المتناهي وكأنه يحسب لخطواته ومفرداته ألف حساب، علماً بأنه - عفوي جداً - ولكن الذكاء والشجاعة والكرم والوفاء والمواقف الكبيرة هبة من الله سبحانه وتعالى وهو أكرم الأكرمين. ومما يردده هذا الصديق بعفويته مفردة (لا يهمونك) كلزمة بلغة أهل الفن وذات يوم قال عن خزعبلات وأوهام وأوراق خريف الساحة الشعبية المتساقطة مردداً قول الشاعر المتنبي: فَإنَّ الصَّرحَ يُهدَمُ بَعدَ حِينٍ إذا كان البِناءُ عَلى فَسادِ وقول الشاعر الشعبي عبدالله لويحان: من عاش في حيله وكذب وتهاويل ياسرع من عقب الطلوع انحداره والحنظله لو هي على شاطي النيل زادت مرارتها القديمه مراره ومن عاش ينظر في السنين المقابيل يذوق من عقب البروده حراره والشور ما ينفع قلوب المهابيل كالزند لا حرّك تطاير شراره لو تنصحه للعدل يعرض يبي الميل باتع على رأيه بربح وخساره والطبع ما ينزاح غيره بتبديل مثل الجدي مرساه ليله نهاره وقبل أيام أقام له أحد الأصدقاء احتفالية بمناسبة عودة صديقنا الذي أشرت إليه من أمريكا بعد حصوله على درجة الدكتوراه، ورجع بنا الحديث إلى الوراء سنوات لذكريات الدراسة حينما كنّا طلابا في جامعة الملك سعود في كلية العلوم الإدارية (قسم القانون) - ولأنه يكتب الشعر وبتمكن من موهبته - فقد ذكر بالأسماء من أساءوا لتاريخ الشعر في الحراك الثقافي والأدبي منه على وجه الخصوص وقال بهدوئه - الذي يُغبط على برودته فيه - رغم تميز هذا البرود الفاعل في كثير من مواقف الحياة - ألم أقل لك آنذاك..؟! (لا يهمونك) قلت: بلى. وقفة للأمير الشاعر عبدالرحمن بن أحمد السديري رحمه الله: كل ما يمضي يفوتك ولا فيه اختيار يبذر البذّار والخاتمه عند الحصاد من تهاون هان والهون عنوان البوار العمل والجد صعبات مرقاهن سناد كل حيٍ ينتهي لو مخاليبه كبار والبقاء لله ويبقى عمل بعض العباد [email protected]