الحقيقة المؤلمة التي ينبغي الاعتراف بها هي أن أجهزتنا الرياضيَّة المختلفة تعاني من فوضى عارمة وعشوائية ومحسوبية وانتقائيَّة وتباين للقرارات أدَّت إلى تدهور النتائج والأداء واحتقان الجماهير الرياضيَّة بمساندة انفلات وشحن إعلامي وانفتاح فضائي لبرامج استراحات رياضيَّة يستضاف فيه كثير من الطيبين وقليل من الخبثاء الذين يبثون سمومهم ويروجون معلومات مغلوطة بسوء نية ويسعون للفرقة بين أبناء المجتمع من خلال الجماهير الرياضيَّة التي تشكّل غالبية شباب وطننا الغالي. وبالرغم من أن المتابع المحايد لا يحتاج إلى كثير من الفطنة لمعرفة ميول مسيري اتحاد القدم ولجانه المختلفة ومحاباتهم المكشوفة لأندية مُعيَّنة ومحاربتهم وتشنجهم ضد فريق معين إلا أن ما كشفه مستشار اللجنة القانونية مصعب الصراف من فوضى وتخبط وتزوير وغياب للعدالة في لجنة أعزكم الله وغيرها من اللجان يؤكد حاجتها الماسَّة لغربلة شاملة نجتث فيها العناصر غير الصَّالحة ونستبدلها بمن يقوم بتطبيق الأنظمة بحذافيرها على الجميع بعدالة ومساواة. وقد تابعنا بأسف بالغ حادثة الرفس والركل في نهاية مباراة الأهلي والاتحاد في نصف نهائي البطولة الآسيوية ولن نكرر كالببغاوات بأنها حادثة دخيلة وغريبة على مجتمعنا الرياضي المثالي، بل هي حادثة معتادة في مجتمعنا الرياضي تتكرر في مناسبات كثيرة سببها الوحيد هو عدم عدالة العقوبات وإمكانية الإفلات منها أو الحصول على عفو بمناسبات مختلفة حتَّى لو كانت بمناسبة مزايين البعارين. وفي الوقت الذي كان فيه من يجهل خفايا الميول وأثرها البالغ على عمل أجهزتنا الرياضيَّة ينتظر قرارًا من اتحاد القدم بمعاقبة المتورطين في تلك المعركة فوجئنا بتصريح من رئيس اتحاد كرة القدم يطمئن فيه المتورطين ويطبطب فيه على رؤوسهم، مؤكدًا أن هذه الأحداث وقعت في بطولة آسيوية وأنها من اختصاص الاتحاد الآسيوي وليس لاتحاد كرة القدم السعودي أي علاقة بها.. ثمَّ صرح مرة أخرى بعدها بأيام بأنه لن يتخذ أي إجراء ضد المتورطين احترامًا للاتحاد الآسيوي!!!! وهذا الموقف العجيب المريب يتناقض تمامًا مع مواقف سابقة لاتحاد القدم أصدر فيها عقوبات فورية على لاعبين نتيجة تصرَّفات أو مخالفات حدثت في بطولات آسيوية في مباريات خارج المملكة، كما حدث في مباراة للهلال والاستقلال في طهران قبل عشر سنوات حين رفض لاعب الهلال عبد الله الجمعان استبداله بلاعب آخر لحماسه وشعوره بقدرته على حسم المباراة ولم يبدر منه أي إساءة أخرى فصدرت عقوبة فورية من اتحاد كرة القدم السعودي بإيقافه مدة شهر، كما صدرت عقوبة مماثلة على لاعب الهلال الكولمبي الكاتو لحصوله على كرت أحمر وتَمَّ تبرير القرار بأنه (نتيجة لما بدر منهما من سوء سلوك وتصرَّفات خارجة عن الرُّوح الرياضيَّة وانطلاقًا من حرص رعاية الشباب على تحلي اللاعبين السعوديين وغير السعوديين المحترفين في الأندية السعوديَّة بالسلوك والمظهر المشرف خصوصًا خلال تمثيل السعوديَّة في المنافسات الخارجيَّة وأن ما بدر من اللاعبين يُعدُّ تصرفًا غريبًا عن المجتمع الرياضي وما عرف عنه من التزام وحرص على الظهور بمظهر مشرف). والأسئلة البريئة التي أرجو من اتحاد كرة القدم الإجابة عليها هي: لماذا برر اتحاد القدم صدور عقوبات على لاعبين هلاليين في مشاركات آسيوية خارج أراضي المملكة بأنها بحجة الحرص على السلوك والمظهر المشرف للاعبين في حين يتجاهل الآن الحرص على السلوك والمظهر المشرف للاعبين في حادثة الأهلي والاتحاد؟ ولماذا كانت مباراة الهلال والفريق الإيراني في بطولة آسيوية من اختصاص اتحاد كرة القدم السعودي وعاقب بسببها لاعبين هلايين ومباراة الأهلي والاتحاد في البطولة نفسها أصبحت من اختصاص الاتحاد الآسيوي ولا يمكن اتِّخاذ أي عقوبات بشأنها؟ وإذا كان رئيس اتحاد القدم يبرر عدم اتِّخاذ عقوبات على المتورطين في مباراة الاتحاد والأهلي بأنه نتيجة احترامه للاتحاد الآسيوي فهل هذا يعني أنه لم يكن يحترمه حين أوقف لاعبي الهلال في بطولة آسيوية؟ وأخيرًا فمن يوقف عبث لجان وإعلام أعزكم الله برياضتنا ووطننا الغالي فالقضية ليست رياضة فقط والنار من مستصغر الشرر؟