تمر حياتنا بتقلبات عدة ومستجدات لم تكن في الحسبان أحياناً تحمل في طياتها الكثير من الأحداث المثيرة والأدوار الشيقة والغريبة متنقلة ما بين السعادة والفرح تارة والحزن والملل تارة أخرى، فقد شبهتها تماماً بالفيلم السينمائي الذي تدور أحداثه بقصة معينة لكلٍ منا تختلف من شخص لآخر يمثلها أبطال وضحايا مختلفين، فأخذنا أحياناً دور البطولة والقوة وأخذنا في أحيانٍ أخرى دور الضحايا والضعف، ليس ذلك فحسب بل نجد تلك الأدوار لا تقتصر على أسابيع وشهور بل ربما تشمل كل يوم من أيام حياتنا اليومية. بعض من الناس يحمل دور التضجر من حياته ويرى أن ما يحدث له من تعاسه إنما هو من سوء حظه في هذه الدنيا وبالذات في حال الشدائد، وأول ما يخطر على باله مباشرة في كل موقف يعتريه هي كلمة «أنا منحوس»، متناسياً في الوقت نفسه حكمة المولى سبحانه عز وجل الذي سخر له تلك المتاعب والأحزان في طريقه ليرى مدى صبر عبده وقوة إيمانه. وفي المقابل نجد بعضهم الآخر حياتهم مليئة بدور الصعاب التي لا يتحملها أي إنسان، بل ونجدهم يجولون بين المستشفيات والأطباء باحثين عن العلاج، وعلى الرغم من ذلك ابتسامتهم لا تفارق وجوههم مرطبين ألسنتهم بقول «الحمد لله» صابرين محتسبين الأجر من المولى عز وجل لأنهم موقنون في الوقت نفسه أن ما يحدث لهم إنما هو تكفير للذنوب والمعاصي، داعين الله بفرجه القريب لهم بالشفاء العاجل. وهناك صنف ثالث رسم لنفسه خطاً واحداً دون تغيير، فأخذ بذلك دور الشاكي الباكي والمتأفف من كل شيء سواء من الفراغ أو الركادة والملل، أو حتى من حياة العمل التي يعيشها في أيامه دون أي تقلبات سعيدة أو تعيسة بقوله «أف طفش»، جاهلاً أنه هو من قرر أن يعيش على هامش الحياة. في المقابل يترجم فيلم حياة الإنسان وما يحمل من تنقلات بين أحداثه برسمة تخطيط القلب تماماً، فهي لا تستقر على وتيرة واحدة وإنما تمر بالعديد من الخطوط المتعرجة والمتغيرة ما بين صعود بالفرح ونزول بالحزن..... فالحياة هكذا يوم لك ويوم عليك ويوم كفاك الله شره. يا ابن آدم... الزيتون عندما يضغط عليه يأتي لنا بالزيت الصافي، والفواكه عند عصرها تأتينا بألذ العصائر، أما الورد يسحرنا بعبير عطره الرائع، كذلك هي الحياة.. فإذا شعرت بمتاعبها تضغط عليك وهمومها تعصر قلبك فلا تحزن فربما اشتاق الله لسماع صوتك وأراد بحكمته أن يخرج أحلى ما في قلبك من دعاء جل في علاه، فالتجئ إليه، وأنت تدعوه لا تنتظر السعادة حتى تبتسم ولكن ابتسم حتى تكون سعيداً، فلماذا تدمن التفكير وأنت تعلم أن الله ولي التدبير ولماذا تقلق من المجهول وكل شيء عند الله معلوم، لذلك لا تبدأ يومك بالتفكير فيما يقلقك ولكن ابدأ يومك بالتفكير فيما يسعدك، فربما ساءتك أوائل الأمور وسرتك آخرها كالسحاب أوله برق ورعد وآخره غيث هنيء، فكل يوم تعيشه يا ابن آدم هو هدية من الله فلا تضيعه بالخوف من المستقبل أو الحسرة على الماضي، فقط قل «توكلت على الله وفوضت أمري إليه» وعش حياتك في رضى، واعلم أن كل شيء في هذه الدنيا إما أن يتركك أو أن تتركه إلا الله إذا أقبلت إليه أغناك وإن تركته ناداك. هكذا هي حياتك أيها الإنسان فإذا وجدتها متقلبة كتخطيط القلب تماماً فاعلم عندها أن هذا الأمر الطبيعي لها. لذلك انعم بها وعش يومك بالأمل والرضا والسعادة، وارض بالمقسوم وعوض ما فاتك منها، واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وأن ما أخطئك لم يكن ليصيبك، ولا تتعثر في سيرك تجاه هدفك مهما كانت الأسباب، واحمد الله يا ابن آدم أن منحك حياة متقلبة لأنه لو لم تكن حياتك كذلك فاعلم أنك ميت.