من جديد نثبت نحن المسلمين في كل عواصم الأقطار الإسلامية أننا لا نحسن التعامل مع الأزمات التي تواجهنا، ولا مع الإساءات والجرائم التي توجَّه لمقدساتنا وديننا الحنيف؛ إذ تتصاعد ردود أفعالنا؛ لتسلبنا حقنا في مواجهة من اعتدى علينا ومن أساء لديننا ومقدساتنا. إنتاج فيلم مسيء للنبي محمد - صلى الله عليه وسلم - ليس الإساءة الأولى؛ فقبل ذلك حاولوا إحراق القرآن الكريم، ونشروا رسوماً كاريكاتورية في الصحف الأوروبية. محاولات عديدة وأفعال مسيئة ومعادية للإسلام والمسلمين، بماذا واجهناها؟ بأعمال شغب وفوضى وإراقة دماء أناس لا علاقة لهم بالموضوع. الفيلم المسيء يؤكد كل من شاهده أنه لن يؤثر في كل من يشاهده إلا من كان أصلاً معادياً للإسلام، ومثلما وفَّرنا دعاية للترويج لكتاب (آيات شيطانية) للكاتب الهندي المرتد سليمان رشدي نوفر دعاية مجانية لفيلم تافه ومقزز، كما وصفته هيلاري كلينتون. فيلم سعى من خلاله نفر حاقدون (ثلاثة من أقباط المهجر) إلى إشعال فتنة، وتوجيه العداء للوطن الذي تربوا فيه؛ فموريس (غير) صادق الذي تعاون مع المخرج الإسرائيلي في إعداد ذلك الفيلم، وجمع له التمويل من ممولين صهاينة إسرائيليين، يعرف أن تأثير الفيلم وفق المعايير الفنية والثقافية لن يكون كبيراً، بدليل أن الفيلم عُرض في بعض صالات السينما الهامشية وفي جلسات خاصة ولم يحظَ بالإقبال، كما أن المقاطع التي عرضها (اليوتيوب) لم تحظَ بالمتابعة والمشاهدة، وبعد تسريب خبر إنتاج الفيلم والترويج له عبر وسائل الاتصال الإعلام الحديثة، وقيام المتظاهرين في القاهرة بالتنديد به ومحاصرة السفارة الأمريكية، ثم مهاجمة القنصلية الأمريكية في بنغازي، أصبح الجميع يبحث عن الفيلم ويحاول مشاهدته، وحتى هؤلاء الذين أمكن لهم مشاهدته قبل رفعه من (اليوتيوب)، ومنهم من غير المسلمين، عدُّوه عملاً تافهاً، لا يستحق أن يُشاهَد. الجميع شجب مَنْ قاموا بإنتاج وإخراج الفيلم، الرئيس أوباما والوزيرة كلينتون وشخصيات أمريكية وشخصيات مسيحية، خاصة في مصر؛ إذ شجب مجمع البطاركة الأقباط المجتمعون في كاتدرائية العباسية في القاهرة هذا العمل غير المسؤول الذي يستهدف إثارة الفتنة، وتبرؤوا ممن كانوا وراء ذلك العمل المشين، كما أدان كبير الموارنة في لبنان بشارة بطرس الراعي الإساءة الموجَّهة إلى رسول المسلمين، وعدها إساءة للرسل والأديان كافة. هذا الإجماع والشجب والتبرؤ من أفعال نفر حاقدين كان يمكن أن نوظفه لخدمة الإسلام والمسلمين، ونحاصر دعوات العداء والحقد الموجَّه للمسلمين من خلال الدعوة إلى إصدار تشريعات وقوانين تحرِّم الإساءة للأديان ومعاداة معتنقيها أسوة بما فعله اليهود من خلال نجاحهم في استصدار قانون يحرِّم معاداة السامية، وقصرها على معاداة اليهود، رغم أن الساميين عربٌ وأقوام أخرى غير اليهود. [email protected]