إن التربية والتعليم هما الحقل الذي تنبت فيه العقول ومواجهة التحديات المعرفية والحضارية والتنموية وإن التربية تعتبر بدون ريب ناقصة إذا اهتمت بكل شيء في شخصية الفرد والمجتمع وأهملت الأخلاق، فالتربية الكاملة هي ما اتخذت الأخلاق نبراساً وأساس في عملية تكوين الشخصية الإنسانية للفرد والمجتمع وتهذيب أخلاقه.. فالأخلاق الفاضلة هي الهدف الأسمى للتربية والتعليم وتقوم التربية الإسلامية بكل دعائمها وأساس بنيانها في بناء الشخصية الإنسانية للفرد والمجتمع على الأخلاق كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق). ومن الملاحظ في فلسفة التربية الإسلامية أن الجانب الأخلاقي فيها شامل لكل جوانب شخصية الفرد والمجتمع. إن الأخلاق هي العلم بالفضائل وكيفية اقتنائها ليتحلى بها الإنسان والعلم بالرذائل وكيفية توخيها ليتخلى عنها الإنسان. ومما هو معروف لدى علماء الأخلاق أن الخلق إنما يتكون بالممارسة والاعتياد وبكثرة التكرار والمداومة والمواظبة عليه وللتربية الأخلاقية مجالات تتكون منها الأسرة والمدرسة والمجتمع، وإن للتربية دوراً حيوياً مهماً في بناء الشخصية الإنسانية والأخلاق الحميدة وتشكيل أخلاق الطفل وسلوكه العام، فهي حجر الزاوية وذات أولوية في بناء الإنسان وتطويره وبلورة مفاهيمه وسلوكه، ولقد ركزت التربية على أهمية السلوك الإنساني وتطويره في إطار من عادات الأمة وتقاليد المجتمع وأخلاقياته.. والتربية الإسلامية هي المرتكز الأساس في عملية التنشئة الفكرية والتربوية والخلقية والاجتماعية، والمعلمون أساس العطاء والأداء المتميز يحملون مسؤولية وأمانة تربية الناشئة وتعليمهم أنواع المعرفة المختلفة في كافة الميادين وتبصير الأبناء بالمفاهيم الأساسية لأنماط السلوك الإنساني وربطه بحقائق الحياة وقواعد الدين وعلى أساس من الفهم والوعي والإيمان والممارسة، وحماية الثوابت الحضارية العربية الإسلامية لمواجهة بعض الأفكار التي تطرح في إطار العولمة. وإن تنمية الروح الأخلاقية والسلوك الإنساني الرشيد يحتاج إلى توجيه وتعليم وصبر فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم هادياً ومعلماً ومربياً ومرشداً كما قال تعالى: {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ} (151) سورة البقرة. ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (خيركم إسلاماً أحسنكم أخلاقاً) وهكذا فإن التربية الأخلاقية تتناول جوانب متعددة وتتطلب مختلف الطرق، والأساليب ذات التأثير المفيد والتي تكفل النهج السوي وتوجد روح المودة والمحبة وتؤدي إلى التعاون والالتزام بما أوضحه الإسلام من الآداب والفضائل التي تحكم علاقات الناس بعضهم مع بعض إذا رعوها حق رعايتها في تعاملهم وأنماط سلوكهم الإنساني الرشيد وبتكوين المواقف والاتجاهات الإيجابية الفعالة. عضو جمعية التاريخ بجامعات دول مجلس التعاون باحث في أدب الرحلات