يلتبس الأمر في كثير من الأحيان بين هذين المصطلحين، فهل المعيار يقودنا لقيمة العمل الفني أم أن قيمة العمل تحدد لنا معياراً نقيس عليه ما سواه من أعمال؟ وفي كل الأحوال فإن تحديد معيار أو قيمة في مجال الفنون البصرية يُعدُّ أمراً شائكاً ومعقداً، نظراً لتأثرهما بالميول الشخصية والنزعات الفردية مهما حاول الناقد أو التشكيلي التجرد من ذاتيته وتطبيق أي منهجية موضوعية، ولهذا يكثر الجدل بين النقاد ولاسيما في المسابقات الفنية حول تحديد معايير يتم الاتفاق عليها لتجعل من العمل قيمة يمكن تقديرها على أقل اعتبار بألفاظ مثل عمل ناجح أو جيد أو مبتكر أو أنه عمل ليس له قيمة سواء فنية أو فكرية؛ أو عمل يستحق المركز الأول أو أنه يستبعد من المنافسة، ولكن في مجال الفنون المعاصرة أصبحت الصعوبة في وضع القيمة بشكل كبير حيث أصبحت فكرة العمل ورسالته هي الأهم ويُغض النظر في الكثير من الأعمال المعاصرة عن طبيعة الوسيط المادي الذي قدمت من خلاله الرسالة الفكرية، وكيف تمت معالجة الخامة أو العناصر الفنية التي تعلمناها جميعاً في المراحل الأولية من تعليم الفنون، فيكفي أن يشرح الفنان المعاصر فكرته وطبيعة رسالته بحبكة تجعلها تكون مبهرة في حد ذاتها سواء للنقاد أو الجمهور، وهنا يكتسب العمل قيمته سواء معنوية أو حتى مادية، في فترات زمنية مضت من تاريخ الفن كانت المعايير محددة يسهل وصفها وتفنيدها وبالتالي وضع مقياس يتم إخضاع العمل الفني له، ولكن في زمننا هذا يصعب كثيراً تطبيق القواعد السابقة ويصبح الموضوع أكثر تعقيداً عند محاولة بناء معايير جديدة لقياس الأعمال المعاصرة، ولاسيما في ظل تداخل مجالات الفنون من رسم وتشكيل مجسم وفيديو وحتى فنون الصوت والإضاءة. [email protected]