كانت زيارتي لمعرض خريجات معهد المهارات والفنون بالرياض حدثاً لا ينسى في ذاكرتي البصرية لهذا العام، وسواء كانت المجموعات المعروضة في مجال الأزياء أو الفنون البصرية إلا أنها جميعاً وبلا استثناء تعكس قدر التميز العلمي والتقني الذي تأهلن به هؤلاء الخريجات، حرصت على مقابلة البعض منهن لمعرفة المنطلقات الفكرية لتجاربهن الفنية ولقد سررت كثيراً لوجود قاعدة فكرية فلسفية لدى كل واحدة منهن، ولكن ميولي التشكيلية دفعتني للوقوف طويلاً أمام واحدة من أجمل وأجود التجارب المقدمة وهي تجربة الفنانة التشكيلية نورة الجريس والتي قدمت عبر مجموعتها عشرة أعمال موحدة الفكرة تحت عنوان «تجدّد»؛ قدمت نورة في مجموعتها خلاصة فكرها الذي عملت عليه منذ أكثر من عام، الذي نبع من إحساسها بمشكلة تلوث الأرض ونضوب الموارد والخطر المحدق بالبشرية في المستقبل القريب؛ إن لم يتنبه الإنسان إلى ضرورة الاهتمام بتنقية البيئة والمحافظة عليها؛ قد تكون فكرة متاحة لتكون مصدر إلهام لأيّ فنان ولكنها من السهل الممتنع حين تنفيذ الأعمال، حينما يختار الفنان ما يخلفه الناس من نفايات وبقايا خامات مستهلكة ليعيد صياغتها في أعمال فنية؛ فإنه قل وندر من يتمكن من تقديم ما يستحق أن نطلق عليه عملاً فنياً، بعيداً عن ما قد يتحول إلى توليف خامات كما يدرس في مراحل التعليم العام، إلا أن ما قدمته نورة في معالجاتها التقنية للخامات التي قامت بإعادة تشكيلها جعلتها تتحول إلى قطع فنية متميزة ومعبرة عن روح الفكرة الأساسية؛ لاحظت أن تلك المجموعة استوقفت عدداً من الزوار لتأمل تفاصيل أتقنت الفنانة إبرازها، وأجادت علاقة الجزء بالكل على مستوى العمل الواحد وعلاقته بالمجموعة وعلاقة المجموعة بموضوع المعرض وهو «روح الماء» والذي نعرف بأنه هو سر الوجود في هذه الأرض. [email protected]