تسنى لي حضور مسرحية (كلنا نصوص) من جملة المسرحيات المعروضة ضمن فعاليات عيد الفطر المبارك والتي بالتأكيد تحسب لحزمة جهود ومنجزات أمانة منطقة الرياض التي عودتنا عاما إثر عام وبشكل مطرد على إضفاء جو من البهجة ممزوجاً بالفائدة. المسرحية أعلاه أكثر من رائعة وهذا لا يعني الإقلال من المسرحيات الرصيفات .. فقط لكوني تابعتها بدءاً من انبلاج الستار حتى إسداله، وأقول رائعة لأنها اكتملت بها مقومات العمل الفني ومحددات الحبكة أي الفكرة الهادفة والإخراج والأداء والطاقم الفني دون أن نغفل بطبيعة الحال القائمين على تهيئة المسرح وتنظيمه. مؤدى القول المسرحية عالجت قضية الإسفاف العام وليس فيما يتعلق بالدراما والمعطيات الفنية الأخرى فحسب، ولأنه طرح يلامس واقعنا المجتمعي فمعطى المسرحية لجهة الشباب الذين يتوقون إلى البهرجة (الجوفاء) والتقليد الأعمى الزائف وينسون أو يتناسون إن صح التعبير قيم مجتمعهم التي تزخر بالأخلاقيات الحميدة الموصلة دائماً وأبداً لجادة الاستقامة والسؤدد التي كثيراً ما يتعامى عنها الشباب ويلهثون وراء المتعة الآنية المسطحة وهذا ما نحتاجه في الحاضر والمقبل، فالمجتمعات تمور بالكثير من المتغيرات وأمواج من الصخب المبطن بمعطيات تتنافى وقيم مجتمعنا وإن كانت في ظاهرها قشيبة مزركشة وذات بريق .. الحبكة ليس في الفكرة والأداء ومجمل العمل كما أسلفت بل في حاجة المجتمع لهذه الأعمال، ومن تجلياتها تفاعل الجمهور وعدم مغادرتهم المسرح حتى بعد إسدال الستار، أكرر نريد الكثير من هذه الأعمال فالأمواج عاتية والفضاء مليء بالملوثات الفكرية والثقافية والتصدي لهذه الرياح العاصفة لا يجدي بوضع الحواجز إذ لم يعد ممكناً ولا مقبولا تغطية السماوات بالقبوات أي مجرد الاكتفاء بالتحصن بالمتاريس بل بإيجاد فكر خلاق مضاد. والمسرح جزء من المنظومة الثقافية والمجتمعية، ولا يمكن بحال تجاهله أو حتى إرجائه. الجدير بالذكر والباعث على الغبطة أن لدينا كوادر فكرية وفنية وثقافية تشكل في مجملها صرحاً مسرحياً قد يبز (مسارح) المجتمعات الأخرى، كل ما يحتاجه هؤلاء الدعم المادي والمعنوي وأقله عدم ازدرائهم والانتقاص من مهنتهم وتوجههم وهذا ربما يقودنا للقول إن الدراما ونخص هنا المسرح ليس سيئاً في معظمه كما يتصور البعض وأقصد الذين لم يكلفوا أنفسهم مجرد التعرف عليه عن كثب فقد يكون فناً راقياً هادفاً إذا ما وجه بما يتسق وقيم المجتمع ومعاييره، المهم أعطاؤهم الفرصة تلو الفرصة بوصفه أي الفن المسرحي لدينا مازال يافعاً وحديث العهد، يبقى أن نقول كلنا ثقة بهؤلاء فلن يكونوا لا بل لن يرضوا إلا أن يكونوا الأداة التي تذود عن مجتمعهم وخصوصاً لناحية الملوثات الفكرية فهي ولا ريب الأخطر والأعتى ليس لأنها تعبث في قيمه وأخلاقيات وتلوث فكر شبابه فحسب بل لصعوبة نزعها واقتلاعها إذا ما دشنت وترسخت. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 229 مسافة ثم الرسالة